الجمعة، 19 يوليو 2013

الشخصية الإيمانية في القرآن الكريم


بقلم: عبدالله بن علي الرستم
وردت آياتٌ كثيرةٌ عن الشخصية الإيمانية في القرآن الكريم، وكل آية تشير إلى صفةٍ أو توجيه لامتثال سلوكٍ ونحو ذلك، طبيعة تلك الآيات الكثيرة تصبُّ في المصلحة العامة والخاصة للشخصية الإيمانية، والتي يُفترض لها أن تتخطّى كل الحواجز النفسية، والعوائق الاجتماعية التي من شأنها الوصول إلى مراقي الكمال قدر الاستطاعة، تجسيداً لما هو مطلوب ممن ينتمي إلى رسالة السماء وفق الأطروحة القرآنية.

وتلك الآيات لم تأتِ لغرض تجميد العقل البشري من النوازع النفسية المركّبة في ذات الإنسان كالغضب والغيرة والانتقام ...الخ!! بل أتت لتكون منهج هدايةٍ لمن أراد أن يوظّف المنهج الربّاني على أرض الواقع، قال تعالى: (والذين هم عن اللغو معرضون) إشارة إلى أن الشخصية الإيمانية خُلقت لتجاوز الحالات السلبيّة التي قد تنشأ جرّاء الاحتكاك والتواصل مع الأشخاص ذات الارتباط بالشخصية الإيمانية المفترضة، فهذه صفةٌ من الصفات الواجب توافرها في الشخصية الإيمانية، من حيث إنّها لم توجد لأجل التعاطي مع الأشياء الرخيصة المتداولة في الحياة الدُنيا، بل لتتجاوز كل ما من شأنه يؤدّي إلى هبوط المستوى الأخلاقي والسلوكي والروحي لتلك الشخصية.

لا شك أن الإنسان بما يحمل من نوازع نفسيّة، والتي قد تنشأ من طريقة التربية التي يتلقاها من مصادر مختلفة، عليه أن يصادر كل حالة تؤثر سلباً على مصير حياته الاجتماعية والأسرية والروحية، ليكون ذلك النموذج الراقي والقريب من خالقه من خلال استيراد القيم والمبادئ الحضارية التي تواكب جميع مراحل الحياة البشرية من الدستور الإلهي، وعليه أن لا يتقمّص دور الشخصية الإيمانية المستعارة من الصفات السلبية كخداع الناس واستغفالهم والتحايل عليهم؛ لأن ذلك مآله الفشل الذريع مع أقرب امتحان.

كثيرون هم المنظّرون للشخصية الإيمانية في القرآن الكريم، لكن!! هل هم على استعداد في لبس هذا اللباس المقدّس؟! أم أنّ ذلك مرهونٌ بشخصيات ربّانية كالأنبياء والأولياء والصالحين؟!
أقول:
ليس من الخيال أن تكون الشخصية الإيمانية مرهونةً بالأنبياء والأولياء والصالحين!! بل الحقيقة أن الإنسان إذا أراد أن يلبس لباس العزّة ويخلع لباس الذُلّ فما عليه إلا أن يسير وفق الرؤية القرآنية بشكل متدرّج، ليحصل على الشخصية المطلوبة من قبل الخالق عزّ وجل، قال تعالى (والذين جاهدوا فينا لنهدينّهم سُبُلَنا) فبمقدار الجهد الذي يبذله في تفهّم وتحقيق ما يصبو إليه، سينال نصيبه من الجُهْد الذي بَذَله، وكلّما حاول سيأخذ نصيباً أوفر بمقدار تفكيره وإيمانه أن الشخصية الإيمانية هي التي تبقى على الأرض، وما سواها ستذروه الرياح.

ولعل الشهر الكريم – شهر رمضان – خير محطّةٍ لتفريغ الحالات السلبية التي تعيشها أرواحنا، ونستبدلها بشحن أكبر قدرٍ ممكن من الصفاء والإخلاص والتسامح ...الخ، حينها ستكون انطلاقةً معبّأةً بروح الإيمان القرآني الذي يبحث عن كل جميل وينبذ كل قبيح، وهذا لا يتحقق بالتنظير فحسب!! بل بالتجربة الحيّة التي تزيدُ حالة الالتصاق بالله عز وجل من خلال وضع الرقابة الذاتية على كل تصرّفٍ نقوم به، ومن يعيش هذه الحالة بلا شك أنه يشعر بالرقابة الإلهية التي لن تخذله مهما أصابه من مكروه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

وجهة نظر حول المعرض الدولي للكتاب بالرياض 2022م

  وجهة نظر حول المعرض الدولي للكتاب بالرياض 2022م   بقلم: عبدالله الرستم   يُعد موسم معرض الكتاب بالرياض من المواسم المهمة، حيث يجتمع تح...