الجمعة، 23 يوليو 2021

كتاب (سيدة الإماء) للشيخ أحمد سلمان

 


بطاقة الكتاب:

اسم الكتاب: سيدة الإماء "تحقيق في هوية وسيرة السيدة نرجس عليها السلام"

المؤلف: الشيخ أحمد سلمان

الناشر: دار الولاء بيروت

تاريخ الطبع: الطبعة الأولى 1442هـ (2021م)

عدد الصفحات: 137 صفحة

بقلم: عبدالله بن علي الرستم

 التعريف بالكتاب:

يتناول الباحث عن جزئية مهمّة من ملف القضية المهدوية، والتي لا زالت بحاجة إلى أبحاث كثيرة رغم ما كُتب عنها من بحوث في جميع زواياها، فسيرة أم الإمام المهدي عليه السلام السيدة/ نرجس، تعتبر شبه غامضةٍ بشكل عام، لكن بمهارة الشيخ الباحث كشف الغموض عن بعض ما يلفها، وذلك بمراجعة الكثير من المصادر ذات الصلة في هذا الأمر، حيث بدأ بكشف التهمة المنسوبة إلى الشيعة الإمامية بأن لا مهدي موجود، بحجّة كثرة التسميات لوالدته التي تفيد أن خلف المسألة مجموعة من الذين مارسوا صناعة هذه المسألة، إلا أن الشيخ جمع الروايات الواردة في مسألة تعدد التسميات، وإزاحة اللثام عن الحقيقة بما يمتلك من أدوات بحثٍ في هذا الموضوع، ليستقر رأيه في النهاية إلى أن اسمها (نرجس) بناءً على مفاد الروايات، مع التعرّض إلى مناقشة الروايات التي قالت بغير ذلك، كذلك التعريج على أن بعض التسميات لقبٌ وليس اسمٌ وهو ما فرضته طبيعة الظروف المحيطة بولادة الإمام المهدي عليه السلام من رهاب السلطة العباسيّة.

 تأتي المسألة الأخرى والتي ساهمت يراعة الباحث في كشف الغموض عنها، وهي: قصة سبيها وقدومها من الروم، أو أنها سنديّة أو مغربية أو نوبيّة، فإن الباحث يفنّد مسألة أنها روميّة الأصل وذلك بمتابعة ملف القضية إبّان أحداث تلك الفترة في كتب التاريخ وأن هذه الرواية من صنع الغلاة، وأن الراوي لها ليس محل اطمئنان وثقة، ومع مناقشة الآراء الواردة في أصل مجيئها فإنه يستقرّ على أنها نوبيّة ولدت في بيت السيدة حكيمة بنت الإمام الجواد عليه السلام، عمّة الإمام الحسن العسكري عليهما السلام، وأنها تربية السيدة حكيمة والتي اعتنت بها منذ ولادتها، يضاف في هذا الصدد أن للسيدة نرجس مكانة عظيمة، يستفاد ذلك من الروايات الواردة على ألسن أئمة أهل البيت عليهم السلام، الذين نعتوها بنعوت المدح والثناء، بدءاً من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم وحتى حكيمة بنت الجواد عليها السلام، حيث ورد عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم أنه قال: (بأبي ابن خيرة الإماء ابن النوبيّة الطيبّة الفم، المنتجة الرحم ...الخ).

الأمر الآخر الذي كان محل بحث وتنقيب، هو: أن السيدة نرجس سُجنت أكثر من مرّة من قبل العباسيين؛ نتيجة لجهودها ونشاطها في الحفاظ على الشيعة نتيجة الرقابة التي فُرضت على بيت الإمام العسكري عليه السلام، ودور جعفر الكذّاب في هذه المسألة بتواطئه مع العباسيين وأحداث أخرى، وأنها بقيت بعد استشهاد العسكري عليه السلام إلى أكثر من عشرين عاماً، حيث سُجنت في قصر أحد خلفاء بني العبّاس فماتت حينها في السجن.

 ختاماً:

جزى الله الشيخ الباحث خير الجزاء، على معالجته عدة مواضيع وتساؤلات ذات صلة بأم الإمام المهدي عليه السلام، والتي نحن بحاجة إلى معالجة تلك الإشكالات وفق مصادر أوليّة وذات صلة بالموضوع، وإني أنصح الأخوة المعنيين بالقضية المهدوية الاطلاع على هذا الكتاب؛ لأن هذه الأسطر لا تفي بالتعريف، خصوصاً وأن في الكتاب مناقشات كثيرة لبعض المعلومات التاريخية والروائية حرية باطلاع المهتمين.


الاثنين، 19 يوليو 2021

المجلد الأول من (هدي العقول إلى أحاديث الأصول)

 


بطاقة الكتاب:

اسم الكتاب: هدي العقول إلى أحاديث الأصول (1/2)

المؤلف: الشيخ/ محمد بن عبدعلي آل عبدالجبار

تحقيق الأستاذ/ أحمد عبدالهادي المحمد صالح

الناشر: دار المحجة البيضاء بيروت + منشورات لجنة التحقيق والنشر التابعة للمرجعية الأحقاقية

تاريخ النشر: الطبعة الأولى 1442هـ (2021م)

 

عرض وتعريف: عبدالله بن علي الرستم

 التعريف:

يعد الشيخ/ محمد بن عبد علي آل عبدالجبار القطيفي (ت 1252هـ) من كبار علماء الإمامية، وما يكشف عن مكانته العلمية هو ما أشار إليها كثيرٌ ممن ترجم له، ومنهم صاحب كتاب "معجم طبقات المتكلمين" حيث قال عنه: (من أجلاء فقهاء الإمامية وكبار علمائهم ... وحاز ملكة الاجتهاد، وتمكّن من شتّى العلوم والمعارف الإسلامية، ودرّسَ وأفاد وألّف)، وغيره ممن ترجموا له، فقد ترك من المؤلفات ما يصل إلى أكثر من مائة مصنّف بين كتاب ورسالة، وبعض هذه الكتب يتكون من عدة أجزاء، ومنها كتابه المشهور (هدي العقول إلى أحاديث الأصول) الذي صدر عام 1425هـ في تسعة مجلدات عن دار المصطفى لإحياء التراث، وبقيت منه مجلدات أخرى غير المطبوعة، حيث إن الكتاب يقع في 15 مجلداً كما ذكر مترجموه، إلا أن المجلد الأول كان مفقوداً حال الطبع، وقد ساقت الأقدار أن يتم الحصول على المجلد الأول في إحدى المكتبات المحلية؛ ليأتي الدور على تحقيقه وطباعته بشكل لائق يتناسب وحجم الكتاب والمؤلّف، وهذا ما قام به الأستاذ/ أحمد بن عبدالهادي المحمد صالح الذي شمّر عن ساعديه مجداً ومجتهداً في القيام بما يتوجّب عليه إزاء كتابٍ نفيسٍ كـ(هدي العقول).

ومن المعروف عن الأستاذ/ أحمد أنه إذا بدأ في تحقيق كتابٍ فإنه يواصل العمل دون كلل أو ملل، ولا يهدأ له بالٌ حتى ينجزه في وقت قياسي، متجاوزاً العقبات والعثرات التي تحصل خلال عمله التحقيقي، وقد لمستُ هذا من خلال معرفتي به (وفقه الله وسدد خطاه)، وتحقيق كتابٍ كـ(هدي العقول) لاشك أن الكثير ينتظره - خصوصاً مع فقدان المجلد الأول كما أسلفتُ القول ليسد الفراغ للطبعة التي صدرت بدونه، والذي يعد من الكتب المهمّة في بابه، فقد بذل المحققُ جهده في تخريج النص، والمقارنة بين النسختين من الكتاب المخطوط، مع إضافة العناوين الفرعية التي تسهّل فهم المطالب، وكذلك مسألة تخريج النصوص التي ربما بحاجة إلى جهدٍ آخر غير ضبط النص، وغيرها من المسائل التي يتطلبها العمل في تحقيق كتابٍ له مكانته العلمية في التراث الإمامي، وليس جديداً على المحقق الخوض في هذا الأمر، وعن هذه الشخصية كذلك، فقد ترجم له في كتابه (أعلام مدرسة الشيخ الأوحد في القرن الثالث عشر) المطبوع عام 1427هـ، بشكل موجز، إلا أن الترجمة هنا جاءت بشكل أشمل مما ذكره في كتابه آنف الذكر.

 

جاء الكتاب في طبعته الجميلة والذي احتوى على مقدمة موجزة، فيها شيء من ترجمة المؤلف وذكر جميع مصنّفاته، وخطة عمل المحقق لهذا السِّفر، وقد جاء الكتاب في جزأين كبيرين، حيث جاء الجزء الأول في 584 صفحة، والجزء الثاني في 487 صفحة، بالإضافة إلى الرجوع لـ(165) مرجعاً ومصدراً، ويحتوي المجلد الأول الذي يشرح كتاب (أصول الكافي) للشيخ الكليني (ت 329هـ) على مقدمة مع شرح أربعة وثلاثين حديثاً لكتاب العقل والجهل من أصول الكافي وخاتمة، وقد (ناقش المؤلف آراء بعض العلماء الذين شرحوا أحاديث (الكافي) بعد تسطير ما يريد التعرض من مقاطع شروحهم، فيوضح مراد كلامهم ويشير إلى الخلل ويسدّه بما يرى أنه الموافق للقرآن الكريم وأحاديث وروايات أهل البيت عليهم السلام) حيث تبيّن من ذلك أن هذا العمل أخذ الوقت الكثير من المحقق لإنجاز ما بدأه، ولا يسعني في هذه العجالة إلا الشكر لكل من ساهم في إنجاز هذا العمل ليكون بين أيدي المهتمين للاستفادة من محتواه وما سطّره عَــلَمٌ من أعلام الأمة، وإلا فالحديث عن القيمة العلمية للكتاب لا يسعها هذا التعريف الموجز، ولكن كما يُقال: لا يسقط المعسور بالميسور.

نسأل الله عز وجل أن يشد على أيدي المهتمّين بالتراث المخطوط في استخراج ما تعجّ به خزائن الكتب المخطوطة والعمل على تحقيقه وطباعته، خدمة للعلم وأهله.



السبت، 17 يوليو 2021

كتاب (أسرة آل أبي مجلّي الخطي الفرعي العلمية) للشيخ محمد الحرز .. عرض وتعريف

 


أسرة آل أبي مجلّي، للشيخ/ محمد بن علي الحرز .. عرضٌ وتعريف

بقلم: عبدالله بن علي الرستم

عرض وتعريف:

صدر قبل عدة أشهر كتاب بعنوان (أسرة آل أبي مجلّي الخطي الفرعي العلميّة في وادي الفرع بالمدينة المنوّرة) لفضيلة الباحث الشيخ/ محمد بن علي الحرز، وذلك كنسخة الكترونية، والذي يستعرض فيه الباحث تعريفاً بأسرة علمية بزغ نورها في القرن الثاني عشر الهجري تقريباً.

بدأ المؤلف بمقدمةٍ وتعريفٍ عن وادي الفرع التابع إدارياً للمدينة المنوّرة حيث يبعد عن مركز المدينة قرابة 110 كم، ثم تعريفاً بوادي أبو ضباع المكان الذي استقرّت فيه أسرة آل أبي مجلّي، بعد خروجهم من منطقة القطيف لظروف غير معلومة، متخذين مبدئياً من مكة المكرّمة مقراً ثم تم النزوح بعدها إلى وادي الفرع وتحديداً (أبو ضباع)، ويُعد الشيخ/ حسن بن سالم آل أبي مجلّي (1120 1199هـ تقريباً) أول من هاجر واستقرّ في المكان المذكور، مع تردد على مكة المكرّمة في مواسم الحج والعمرة، والذي حظي بحفاوةٍ وتقديرٍ في مكة المكرّمة والمكان الذي استقرّ فيه، ثم جاء من بعده أبناؤه وذريّاتهم الذين حملوا مشعل العلم والوعظ والإرشاد وإدارة شؤون الناس، وذلك لما اتّسموا به من حبهم للتحصيل العلمي، والقضاء بين الناس في القضايا المرفوعة له وإدارة شؤونهم، ويشير المؤلف إلى أن أبناءه أكملوا تحصيلهم العلمي في البحرين، نظراً لقرب العهد في الخروج من منطقة القطيف وكذلك أوجه التشابه في المشارب الثقافية وهو ما يسمّى بالخط الأخباري؛ ليكون توجه بعض الأحفاد للدراسة في النجف الأشرف أو الاكتفاء بالدراسة على الطاقات العلمية الموجودة في وادي الفرع من العائلة كالأعمام، لما لهم من دورٍ في القيام بالتعليم والتدريس في نواحٍ شتّى.

تميّزت العائلة بدورهم في المساهمة في كتابة الوثائق وفض المنازعات لثقة الناس بهم، وكذلك مثابرتهم في التحصيل العلمي والذي بقي شيء من تراثهم، وضاع الشيء الكثير منه، والجميل الذي قام به المؤلّف أنه تتبع المعلومات بجهدٍ رائع، وذلك برجوعه إلى كتب التراجم، والرحلات وغيرها، والتي تم استقاء المعلومات التي تفيد بمكانة أعلام الأسرة العلمي والاجتماعي، وهذا مأخوذٌ من عدة شواهد، كوجود الوثائق والخزانة/المكتبة التي تم إيقافها على علماء المنطقة، واستمرار العطاء لديهم، إلى سنوات متأخرة، وقد جاء ذكر الأعلام مسلسلاً وفق التاريخ، مع التركيز على مُنجز كل شخص بما هو متاحٌ عنه من معلومات، وهم كالتالي:

1. الشيخ حسن بن سالم بن علي بن أحمد أبو مجلّي (ت 1199هـ).

2. الشيخ محمد بن الشيخ حسن أبو مجلّي (ت قبل 1231هـ).

3. الشيخ علي بن الشيخ حسن أبو مجلّي (ت قبل 1198هـ).

4. الشيخ حسين بن الشيخ حسن أبو مجلّي (ت 1239هـ).

5. الشيخ أحمد بن الشيخ حسن أبو مجلّي (ت بعد 1226هـ).

6. الشيخ سليمان بن الشيخ محمد بن الشيخ حسن (ت 1265هـ).

7. الشيخ عبدالله بن الشيخ محمد بن الشيخ حسن (ت 1269هـ).

8. الشيخ سلمان بن الشيخ حسين بن الشيخ حسن (ت 1273هـ).

9. الشيخ ناصر بن الشيخ حسين بن الشيخ حسن (ت 1269هـ).

10. الشيخ علي بن الشيخ ناصر بن الشيخ حسين بن الشيخ حسن (ت 1280هـ).

11. الشيخ علي بن الشيخ عبدالله بن الشيخ محمد بن الشيخ حسن (ت 1308هـ).

12. الشيخ علي بن أحمد بن الشيخ علي ناصر بن الشيخ حسين بن الشيخ حسن (ت بعد 1343هـ).

13. الشيخ علي بن حميد بن أحمد بن الشيخ علي بن الشيخ ناصر بن الشيخ حسين بن الشيخ حسن (ت 1432هـ).

ثم تلاها صور من بعض الوثائق التي كان لهم ذكرٌ ودورٌ في تدوينها، كالمبايعات، والشراء، وغيرها من أمور الحياة التي تستلزم توثيق الأحداث مصحوبةً بالشهود.

والأعلام المذكورين أعلاه من أهل العلم والتقوى والصلاح، ونظراً لقلّة المصادر في هذا الباب وظروفٌ أخرى؛ لكان البحث أكبر حجماً، وأثرى معلومات، رغم أن عدد صفحاته بلغت 280 صفحة.

جاء هذا الكتاب ليوثق تاريخ أسرة علمية، لها الحضور العلمي والعطاء الاجتماعي في التاريخ الحجازي على مدى قرنين ونصف من الزمان، فرحم الله الماضين منهم، وأدام الله الباقين في خدمة الإسلام والمسلمين، ولا شك أن هذا التلخيص لا يغني عن الرجوع للكتاب المليء بالمعلومات المهمّة.


نُشر هذا التعريف بصحيفة بشائر الالكترونية

يوم السبت 7 ذو الحجة 1442هـ

http://www.bshaer.net/2021/07/17/bhcc/


الخميس، 1 يوليو 2021

الرحلة الحجازية (1081هـ) لـ/أوليا جلبي

 

الرحلة الحجازية لـ/أوليا جلبي (1081هـ)

بقلم: عبدالله بن علي الرستم

 تُعد رحلة التركي/ أوليا جلبي عام (1081هـ) إلى الحجاز من الرحلات الجميلة، فهي تحكي عن فترة مهمة من التاريخ والأحداث وكيفية مسير الحجاج من تركيا والبلقاء وإيران، حيث كان جَلَبي من المولعين بالرحلات في أقطار هذا العالم الفسيح، فقد بدأ بتدوين ما يراه منذ أن كان عمره عشرين عاماً حينما كتب عن مدينة استانبول عام (1040هـ)، وسافر إلى مناطق عدة، منها: تركيا، والبوسنة، والنمسا، وهولندا، والسويد وغيرها من البقاع، وساهم ذلك في تحصيله العلمي الذي كان من خلاله أنه أجاد ثلاث لغات وهي (العربية والفارسية والتركية)، وكان في ذات الوقت ماهراً في فنون أخرى مثل: (الخط والنقش والموسيقى وكتابة الشعر).

 فحينما انطلقت رحلة الحج من تركيا وساروا حتى بلغوا (نهر الحور)، وتحدث عن هطول الأمطار الغزيرة التي تحوّلت إلى سيولٍ مع تساقط الثلج، حيث نفق في هذا الموقف ما يقارب 200 جملاً، ومات 80 بدوياً، ذلك أن المطر بلغ إلى منتصف أرجل الجِمال.

ولما وصلوا صحراء بلقاء هطلت أمطارٌ غزيرة وثلوج مرة أخرى، وفي عُرف أهل الشام أن صحراء بلقاء لا يمكن دخولها أثناء تساقط الأمطار، فمن دخلها فُقد، واستمر المطر حتى الصباح وما أصبحوا إلا وهم في وسط بحيرة كبيرة جراء نزول المطر المتواصل، حيث نفَقَت بعض الحيوانات ومات بعض الحُجّاج.

رغم ما تعرضوا له من شدائد ومواجهة قطّاع الطُرق إلا أنهم وصلوا المدينة المنورة بسلامٍ، فاستبشروا بذلك الوصول الميمون، فقد استقبلهم أهل المدينة بالترحاب والتهنئة واستقبلوهم بالزغاريد والأهازيج الدينية، وأطلقت المدفعية 80 طلقة إيذاناً بدخول الموكب المدينة المنوّرة.

من مميزات رحلة جلبي أنه يأتي على وصف كل ما يراه وصفاً دقيقاً، حيث وصف المدينة المنورة مع ذكر أسماء الأبواب المؤدّية لها، والمسافات بين معالمها وأبراجها ويتحدث عن التوسعات المتعاقبة للمسجد النبوي وما يحويه من سجّاد وزخارف ومآذن وعدد الأعمدة والقناديل وعدد الخدم والطواويش الذين بلغوا (1400 شخص)، ولا يخفى عليه أن يصف القبّة التي على قبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم وما تحويه من زخارف ونحوها حيث تشرّف بالدخول إلى المقصورة.

ثم يصف زيارته للبقيع وما يحويه من قبور الصحابة وأهل البيت الطاهرين، فقد وصف كل قبّة وما تحتها من المدفونين وصفاً دقيقاً، وكذا وصف بقية المعالم التي زارها كمسجد قباء ومسجد القبلتين ومقبرة شهداء أحد رضوان الله تعالى عليهم.

 بعد انقضاء الزيارة توجهوا إلى مكة المكرّمة لأداء مناسك العمرة والحج، وقد ذكر كل المعالم التي مر بها، مثل: آبار علي، سبيل ميمونة بنت الحارث، وادي فاطمة، منزل مقام العمرة ...الخ.

وصادف وجودهم في مكة تعيين الشريف بركات أميراً على مكة، وكيف احتفلت مكة ثلاثة أيام بتنصيبه، ولا يفوت المؤلف أن يصف الأسواق وما تحويه من سلع مختلفة تباع فيها، مثل: سوق العطّارين، وسوق الحسا = الأحساء، وسوق اللؤلؤ ...الخ.

 

وكما كان جلبي مولعاً بكتابة أدق التفاصيل في المدينة المنورة، فقد كتب وصفاً دقيقاً عن مكة المكرمة من حدودها ووصف الحرم المكي وأبوابه وأعمدته وأماكن وجودها والقباب والمنارات والحمّامات، وتحدث عن صنع الكسوة في مصر على أيدي مهرة من أمهر الصنّاع في فن التطريز وصفاً سهلاً لا تعقيد فيه، وقد تطرّق إلى مواقع بيوت بعض الصحابة وأوصافها والعمارات الخيرية بمكة وعيون المياه والأسبلة والمدارس وكتاتيب الصِبيان ودُور قراءة القرآن الكريم والحديث الشريف.

 رغم ما تتميز به رحلة أوليا جلبي من دقة في الوصف ودعم المشاهدات بالمعلومات التاريخية إلا أنه وقع في بعض الأخطاء كأن يقول أن غزوة أُحد كانت في قلعة فُديك بخيبر، وأن نزول آية تغيير القبلة من بيت المقدس إلى الكعبة كان عام 14هـ (أي: بعد وفاة النبي صلى الله عليه وآله وسلّم) وأن الإمام علياً أدار حرباً ضروساً مع معاوية حينما بلغ السادسة والثلاثين من عمره .. وغيرها مما لا تخفى على القارئ المطّلع على الأحداث التاريخية، وهي أخطاء يسيرة لا تؤثر على رحلةٍ فيها من التاريخ المهم عن معالم وأحداث مهمة في تلك الحقبة الزمنية.


نُشر هذا المقال:

صحيفة الجزيرة، عدد رقم (١٧٧٣٥)

الاثنين ١٨ ذوالقعدة ١٤٤٢ه‍ (٢٨/ ٦/ ٢٠٢١م)

https://www.al-jazirah.com/2021/20210628/wo2.htm

وجهة نظر حول المعرض الدولي للكتاب بالرياض 2022م

  وجهة نظر حول المعرض الدولي للكتاب بالرياض 2022م   بقلم: عبدالله الرستم   يُعد موسم معرض الكتاب بالرياض من المواسم المهمة، حيث يجتمع تح...