الثلاثاء، 31 يوليو 2018

مـن تُقلِّد / من يـُقَلـد؟!


من تُقَلِّد/من يُقلِّد؟!
بقلم/ عبدالله بن علي الرستم

لعل من الأسئلة التي قد تكون مزعجة لي في السنوات الأخيرة، هي (من تُقـلِّـد/من يُقلِّـد؟!)، والإزعاج ليس ناشئاً من غياب الجواب؛ بل من الأثر السلبي الذي يضفيه بعض السائلين متخذين في هذا السؤال وسيلةً للطعن في فلان من الناس، وتصنيفه أنه محسوب على مرجعيّة الفقيه الفلاني أو الفقيه الآخر. ويزداد عجبي حينما يكون السائل منشغلاً بهذه القضايا التي قد لا تزيده علماً ومعرفةً حينما يعلم أن فلاناً من الناس يرجع في تقليده إلى زيدٍ أو عمروٍ!!
فمن الآثار السلبية التي ينشغل بها بعض الناس في الاستغراق في معرفة من يقلِّد الشيخ الفلاني من الفقهاء، أو الخطيب الفلاني؟! ليقرر بعدها هل يحضر مجلس أبي عبدالله الحسين عليه السلام الذي يقرأ فيه الخطيب فلان أم لا؟! وعجبي ممن يشتغل بتصنيف الناس وكأنه وصيٌ عليهم، قد لا يمتلك معرفة كافية من سيرة أبي الشهداء عليه السلام، في حين أن مجالس أبي عبدالله الحسين عليه السلام مفتوحة لكل الشرائح والأطياف، خصوصاً وأن الروايات الواردة في إحياء أمرهم لا تكاد تُحصى، ومع ذلك هناك من ينشغل بالبحث عن تقليد الخطيب الفلاني ليقرر إن كان سيحضر مجلسه أم لا!!.

في الكلمات الآنفة لا أعني أحداً، ولستُ معنياً بالسائل أياً كان انتماؤه وتوجهه الثقافي؛ إلا أني سمعت عن هذه المسألة أكثر من مرة، وفي أكثر من مكان ولا زالت تتردد في عدة أماكن؛ ويبدو أنها حصلت في أماكن أخرى، بحيث يحصل تشنج أو نقاش حادٌ بين بعض الأفراد في استضافة الخطيب الفلاني من عدمه بحجة مرجعيته الفقهية!! ويا ليت أن تكون أسباب التشنّج أو رفض الاستضافة ناشئٌ من وجود علامة استفهام على الخطيب الفلاني، كأن يكون مثيراً للفتنة في البيت الشيعي، أو لافتعاله مسألة طائفية أو نحو ذلك؛ إنما ذلك يحصل من أجل التصنيف المرجعي، وكأن الحجة أو الحقيقة لا يمتلكها إلا من انتمى إلى المرجعية الفلانية.

وكم هو رجائي أن يتجاوز الأحبة الانشغال بهذه التصنيفات التي لا تساهم إلا في تفتيت وحدتنا الولائية وهويّتنا الشيعيّة، فنحن لا نكاد نهدأ من فتنة طائفية إلا ونصحو على فتنة داخل الوسط الشيعي!! وكأنه لا يوجد قضية نشتغل عليها وننشغل بها إلا تصنيف الناس بناءً على تقليدهم. علماً أني – بفضل الله تعالى – تربّيتُ على عدم الانشغال بتصنيف الناس وإلى من يرجعون في تقليدهم الفقهي؛ وقد صادقتُ أشخاصاً سنوات طوال ولم أسألهم عن تقليدهم؛ لأن تقليدهم لا يهمني؛ إنما يهمّني أخلاق الإنسان وصدقه وإخلاصه ومحبته وولائه لأهل بيت نبيه صلى الله عليه وآله وسلّم، ولم أعلم بانتماء بعضهم الفقهي إلا بعد سبع سنوات عبر حديث عَرَضي عفوي هو من تفوّه به دون أن يقصد.

خاتمة
مجالس أبي عبدالله الحسين عليه السلام تسع كل الديانات والمذاهب والتيّارات؛ فالحسين عليه السلام عظيم، ودليل عظمته أن الكل يتحدث عن ذلك السموّ المتألق في سيرته وتضحيته التي حرّكت قلوب الملايين من البشر لأخذ العظة والعِبرة من عطاءاته التي لا تُحصى، حيث لا زال السنّي والشيعي والمسلم والمسيحي وغيرهم يكتبون كتابات رائعة عن المولى الحسين عليه السلام، فهل نبجّل كتابات المسيحي ونترنّم بها، ونترك أصحاب النفس الولائي؟! تلك مفارقة عجيبة.  

الأحد، 29 يوليو 2018

موسوعة مقتل الإمام الحسين عليه السلام .. مراجعة نقدية


موسوعة (مقتل الإمام الحسين عليه السلام)
مراجعة نقدية
بقلم: عبدالله بن علي الرستم
 هوية الكتاب:
الكتاب: موسوعة مقتل الإمام الحسين عليه السلام .. توثيق لواقعة الطف من القرن الأول إلى القرن العاشر الهجري. (1/6)
المؤلف: الشيخ محمد بن عيسى آل مكباس البحراني
الناشر: آيه حيات
الطبعة: الثانية 1435هـ (2014م)

التعريف بالكتاب:
صدر عن قلم الشيخ آل مكباس الكتاب آنف الذكر، والذي يُعد فكرة رائعة من حيث تجميع المقاتل غير المعروفة والمشهورة في كتاب واحد يرجع إليه الباحثون إذا ما أرادوا عمل دراسة حول هذا الموضوع في فترة محددة، حيث يعد هذا العمل التجميعي إضافة للمكتبة العربية، باعتبار أن بعض المقاتل مضمّنة في كتب التاريخ ذات المجلدات المتعددة، مما يصعب على بعض الباحثين غير المختصين الوصول إلى مرادهم لأسباب شتّى، فجزى الله الشيخ المكباس خير الجزاء على هذا العمل.
وقد بدأ مُعد الكتاب بمقدمة ذكر فيها أسماء من صنّف كتاباً في مقتل الإمام الحسين عليه السلام، وأردفها بمعلومات ضافية حول الإمام الحسين عليه السلام ، بدءاً من ذكر ولادته وأحاديث عن البكاء عليه واستحباب إتيانه، وكذا أحاديث حول أن الحسين عليه السلام مقتول كما قُدّر له في علم الله سبحانه وتعالى، مع ذكر أن الأنبياء والملائكة عليه السلام يعلمون ذلك، واستشهد المؤلف بذكر روايات تتحدث عن النوح وبكاء الأئمة عليه السلام على ما جرى في هذه الحادثة الأليمة.

أضاف المؤلف كذلك شيئاً من أدعيته وخطبه عليه السلام، وحول ما جرى على الأنبياء والمرسلين عليه السلام حال مرورهم كربلاء، مع تسليط الضوء على أبرز الأحداث المصاحبة لحياته عليه السلام في ولادته وخروجه من المدينة ولقائه جيش عمر بن سعد وحتى استشهاده وما جرى يوم مقتله ونحو ذلك. مستوفياً أبرز الأحداث التي حصلت في حياة سيد الشهداء كمقدمة للولوج إلى المقاتل التي صنّفها المؤرخون والعلماء من العامة والخاصة تفجعاً وتخليداً لذكرى السبط الشهيد.

وقفة:
لهذا العمل أهمية كبيرة، ولذا كانت لي وقفة معه من نواحٍ متعددة، وذلك لما تخلله من نقصٍ في الجوانب العلمية والفنّية. قد يختلف معي بعض المهتمين وكذا المعد لهذه الموسوعة وقد نتفق، حيث تسجيل هذه الملحوظات أتت لأهمية العمل الذي قام بإعداده الشيخ المكباس.

الملاحظات:
1. العنوان: جاء العنوان باسم "موسوعة مقتل الإمام الحسين عليه السلام .. توثيق لواقعة الطف من القرن الأول إلى القرن العاشر الهجري".
أقول: جميل أن يحدد المؤلف الفترة الزمنية التي يوثّق من خلالها عملاً ما، وذلك لما تشكّله هذه الفترة من مدلولات مختلفة، بيد أن المؤلّف لم يذكر لنا سبب تحديده الفترة الزمنية والتي تبدأ من القرن الأول وتنتهي بالقرن العاشر!!.
2. الالتزام بخطة عمل: قال المعد في ج1 ص20: (لقد قمنا بإعداد موسوعة تضم مجموعة من المقاتل، وهي أمّهات المصادر التي كتبت عن المقتل الشريف، ورتّبناها بحسب الفترة الزمنية). اهـ.
أقول: لم يلتزم المعد بهذا البند الذي وضعه، ذلك أن القارئ لا يرى ترتيباً زمنياً كما قال المعد، مثال:
في الأثناء التي نرى مقتل ابن قتيبة الدينوري (ت 276هـ) في المجلد الأول، فإنه في الوقت نفسه نرى مقتل الطبراني (ت 260هـ) في المجلد الخامس، وقد تخلل بين المقتلين مقاتل متعددة في تواريخ مختلفة.
وكذا يأتي مقتل ابن عساكر (ت 751هـ) في المجلد الرابع، فإنه في نفس الوقت يأتي مقتل الذهبي (ت 748هـ) في المجلد السادس ... وهكذا.
وهذا خلاف البند الذي وضعه المُعد.
3. خطة العمل: إن عملاً موسوعياً كهذا الكتاب كان من المُرجى أن تكون له خطة عمل رصينة في مقدمته، وهذا ما لم يتوفر في هذه الموسوعة، وأقصد بخطة العمل طريقة المُعد في هذه الموسوعة والذي جاء فيها بالجمع العشوائي الذي لا يعرف كيف يبتدئ القارئ وكيف ينتهي؟! وقد ذكرتُ في الفقرة الثانية أنه لم يلتزم بما ألزم به نفسه، وهو ترتيب المقاتل وفق الفترة الزمنية.
4. المصادر: لم يعتمد المعد على مصادر محققة إلا في بعضها، ولم يباشر في تحقيق غير المحقق منها، حيث العمل التجميعي فنٌ، وكان على المعد أن تكون بصمته واضحة فيه، إلا أن العمل خلا من بصمته سوى الجمع فقط.
5. أصحاب المقاتل: تمنيتُ أن يأتي المُعد بتعريف موجز عن مصنّف كل مقتل؛ وذلك للتعرّف عليه وعلى شيء من ثقافته ومصنّفاته، فالسيرة تُفصح عن صاحبها.
6. المؤلفون في مقتل الحسين عليه السلام: بدأ المؤلف في ج1 ص6 في تعداد من ألّفَ في مقتل الحسين عليه السلام، حيث عدّ سبعة وسبعين عنواناً ممن ألّفَ في هذا الجانب.
أقــــول:
- لي ملاحظة على القائمة المذكورة تتمركز في أن المعد لهذه القائمة لم يَسِرْ على طريق واضح، ذلك أن المقاتل التي في القائمة أزعمُ أن جزءاً منها ليست من إعداده، وخصوصاً من الرقم (1) وحتى الرقم (33) حيث اقتبسها من مقدمة الشيخ فارس تبريزيّان الحسّون في تحقيقه لمقتل ابن طاووس ولم يُشِر إلى أنه اقتبسها منه.
- إضافة على ذلك أن بقية القائمة من (34) وحتى الأخير تختلف طريقة عرضها عن القائمة الأولى (1 33).
- ومما يزيد ثقتي فيما أزعمه أن هناك تكراراً في ذكر أسماء المقاتل، مثال: صاحب المقتل رقم (17) أبو عبدالله بن زكريا الغلابي (ت 298هـ) هو ذاته صاحب المقتل رقم (66) محمد العلابي، وأظن أن (العلابي) بالعين خطأ مطبعي، والصواب (الغلابي) كما في رجال النجاشي (ترجمة رقم 963). وكذا صاحب المقتل رقم (11) معمر بن المثنى هو ذاته صاحب المقتل رقم (71).
- لا أعلم سرّ هذا الذكر السردي للمقاتل دون ترتيب الفترة الزمنية، حيث فكرة الكتاب تتمحور حول ذكر المقاتل من القرن الأول وحتى القرن العاشر الهجري، بيد أن المعد لم يذكر أن هذه القائمة رصدٌ لما كُتب في هذا الباب أم مجرد ذكرٍ عابرٍ!! وإلا لاكتفى بذكر المقاتل إلى القرن العاشر الهجري.
- يبدو أن المعد لم يلتفت في نقله إلى عناوين المقاتل إلى بعض العبارات المبهمة، مثل: ج1 ص15 رقم (48) مقتل أبي عبدالله الحسين عليه السلام للمولى حيدر علي الشرواني المذكور في (ج 10: 115).
والسؤال: ماذا يقصد المعد من عبارة (المذكور في ج 10: 115)؟!.
وكذا في ج1 ص17 رقم (65) مقتل أبي عبدالله الحسين عليه السلام للشيخ أبي خمسين الأحسائي المتوفى سنة 1316 والمذكور غلطاً في ج21 ص80 بعنوان أبي حسين.
والسؤال: ماذا يقصد المعد من عبارة (والمذكور غلطاً في ج21 ص80)؟!.
وغيرها من العبارات المبهمة.
7. معنى كلمة مقتل: كان من المفترض أن يأتي المعد بمقدمة ضافية حول معنى كلمة (مقتل) وسبب انتشار تأليف المقاتل عند العامة والخاصة، فمن يقرأ مقدمات بعض المقاتل تتبين له أسباب شتّى في كتابة هذه النوعية من المؤلفات، وطرق مختلف بين السرد التاريخي والأسلوب الروائي ونحو ذلك.
8. الفرق بين ذِكر/ مقتل: يبدو لي أن هناك فرق بين كلمة (ذِكْر) وكلمة (مقتل) فالذِكر عبارة عن إشارة لما جرى على الحسين في كربلاء بشكل مقتضب، والمقتل أوسع من الذِكر حيث إنها تشمل بعض تفاصيل الأحداث في واقعة كربلاء، ولذا أرى أن المعد أسمى بعضها مقتلاً وهي لا تتعدى ثلاث صفحات مثل: تاريخ ابن الوردي ج4 ص269، ومقتل الدميري ج4 ص417 ... وغيرهما. فما ورد في هذه الصفحات لا يصل إلى مسمّى مقتلاً؛ بل ذكرٌ مقتضبٌ لما جرى على الحسين وأهل بيته وأنصاره.
ولو تم تسمية كل من كَتَبَ بضع صفحات عن سيد الشهداء سمّينا ما كتبه مقتلاً لكان الكتاب أكبر مما هو عليه الآن، ذلك أن كثيراً من المصادر التاريخية تناولت سيرة واستشهاد الإمام الحسين عليه السلام في صفحات معدودة، ولكن لا نستطيع إطلاق مصطلح (مقتل) عليها للأسباب آنفة الذكر.
9. التكرار: لا أعلم لماذا كرر المعد بعض المقاتل وشتت فيما بينها ولم يجعلها متلاحقة في نفس المجلّد، خصوصاً وأن بعضها يعود لنفس المؤلف، مثل:
ما أورده عن مروج الذهب للمسعودي ج2 ص133، وعن التنبيه والإشراف للمسعودي كذلك ج5 ص249. وكذا ما أورده عن تاريخ الإسلام للذهبي ج4 ص253 وسير أعلام النبلاء للذهبي نفسه ج6 ص165، وغيرهما ممن له كتابان وذكر شيئاً من مقتل الحسين عليه السلام. لذا لو وضعها متلاحقة مع ذكر المصدر لأصبح أحدهما مكملاً للآخر.
10. التخريج والتهميش: في هذه المقاتل مجموعة من المعلومات بحاجة إلى تخريج المصادر كالآيات والأحاديث الشريفة وأبيات الشعر والخطب ...الخ، ذلك أن إرجاع هذه المعلومات لمصادرها يزيد من قيمة العمل ويبرزه بشكل أفضل، ولذا أرى أن الشيخ حفظه الله لم يقم بهذه الأمور المهمّة.
11. المصادر: ذكر المعد مصادر هذه الموسوعة في نهاية الجزء السادس دون ترتيب ألفبائي كما هو المتعارف في رصف المصادر في كل الكتب، مع العلم أن بعض هذه المصادر ناقص المعلومات كاسم دار النشر واسم المحقق وبقية المعلومات اللازم توافرها في المصادر.
12. الفهارس: إن موسوعة بهذا الحجم والموضوع، حرية بأن تحظى بفهارس فنّية تخدم الباحثين في السيرة الحسينية؛ بل إن طبيعة الموسوعات المهمّة أن يكون لها فهارس فنّية، مثل: فهرس الآيات القرآنية، والروايات، والأعلام، والأماكن، والقبائل، وأبيات الشعر ... الخ.
13. بذل المعد جهداً جميلاً في تجميع هذه الموسوعة، إلا أنه في الوقت نفسه فاته بعض المقاتل التي من الجدير وضعها ضمن هذه الموسوعة، مثل:
- مقتل أبي العرب محمد بن أحمد بن تميم التميمي (ت 333هـ)، في كتابه المِحَن، الصادر عن دار العلوم بالرياض بتحقيق الدكتور/ عمر بن سليمان العقيلي عام 1404هـ وقد ذكر شيئاً مما يتعلق بمقتل الحسين في 18 صفحة.
- مقتل الحسين للقاضي أبي حنيفة النعمان بن محمد التميمي المغربي (ت 363هـ)، في كتابه (شرح الأخبار في فضائل الأئمة الأطهار) الصادر عن مؤسسة الأعلمي للمطبوعات ببيروت، بتحقيق السيد محمد رضا الحسيني الجلالي مج3 ص134 ج12 في طبعته الثانية عام 1427هـ (2006م)، وقد جاء ذكر ما ورد على الحسين عليه السلام في كربلاء في 67 صفحة تقريباً.
- مقتل الحسين عليه السلام الذي جاء تحت عنوان "تسلية المجالس وزينة المُجالس"، للسيد محمد بن أبي طالب الحسيني الموسوي الحائري الكركي (القرن العاشر) بتحقيق: فارس حسون كريم، الصادر عن مؤسسة المعارف الإسلامية بقم، الطبعة الأولى 1418هـ في جزئين كبيرين.
- وغيرها كثيرٌ مما لم يُثبته المُعد في هذه الموسوعة القيّمة.
14. ج5 ص263: قال المعد: محمد بن حبان بن أحمد أبي حاتم التميمي السبتي.
والصواب: البُستي، كذا قاله الذهبي في ميزان الاعتدال 3/506/7346.
15. من خلال التصفح في الموسوعة بدا لي أن المعد لا ينقل ما ورد في تلك المقاتل منذ بداية المقتل وحتى نهايته؛ بل إنّه يبدأ النقل منذ وفاة معاوية وتولية يزيد مروراً بأحداث كربلاء إلى شيء من أحداث السبي ونحو ذلك.
وتارة ينقل أشياء تبدأ منذ ولادة السبط الشهيد وحتى استشهاده، وهذا مما يجعل القارئ يتيه بين هذه التوثيقات التي تارة تبدأ بأحداث العام (60 هـ) وتارة تبدأ بولادته عليه السلام!!.
مثال: ج6 ص303 مقتل ابن الصبّاع المالكي (ت 855هـ) فقد ذكر المعد أحداث ولادة السبط عليه السلام وَنَسَبِه وأحاديث النبي صلى الله عليه وآله وسلّم في حقه وعلمه وشجاعته ...الخ. وكذلك مقتل الطبراني ج5 ص101 حيث أتى على ذكر ما أورده الطبراني من روايات قبل أحداث عام (60هـ). في حين أن بعض المقاتل لا يذكر هذه الأمور وهي مثبتةٌ في المقتل المطبوع، مثال ذلك مقتل ابن طاووس في بداية الجزء 3 من الموسوعة، حيث بدأ بذكر أحداث عام (60هـ) من وفاة معاوية وما تلاها من أحداث ولم يذكر الأمور التي جاءت في المقتل قبل هذا العام!!.

ولذا تأتي أهمية خطة العمل التي لم يضعها المُعِد في مقدمته، والتي تساهم في سير الكتاب على نهج وطريقة واضحة، وكذا مساعدة القارئ في التعرّف على ما كتبه العلماء في مقاتلهم.

خــتامــاً:     
أرجو أن تكون الملاحظات المدوّنة أعلاه قد أضافت شيئاً مهماً يخدم هذه الموسوعة الفريدة في بابها، والتي بحاجة إلى تكريس الجهود في الاهتمام بكل ما له صلة في الموسوعات، وإن شاء الله تعالى يتدارك المعد ما له صلة بالموسوعة في طبعة لاحقة، وفقنا الله وإيّاه للعمل الصالح في خدمة محمد وآل محمد عليهم السلام.

الأربعاء، 18 يوليو 2018

هديتك (منتج حساوي)





من عاداتنا الحساوية
(هديتك مُنتج حساوي)
بقلم: عبدالله بن علي الرستم

بما أن هذه الفترة موسم الرُّطَب بجميع أصنافه وأشكاله وألوانه، فإنه بحسب ما تسعفني الذاكرة من أشياء شاهدتها وسمعتها ومارستها بفضل الله تعالى، فإن من سمات الشخصية الأحسائية حمل هدية من المُنتجات الأحسائية حال زيارة شخص ما، وتكون هذه الهدية حسب الموسم الزراعي (رُطب، تمور، خضروات، فواكه، شيء من الصناعات الخوصيّة ...الخ)، وهذا هو ديدنُ الأحسائي حال عزمه لزيارة صديقٍ له خارج الأحساء أو قريبٍ أو أي شخص كان.
بل كما أتذكّر قبل عشر أو عشرين عاماً ينصحنا الآباء على نحو التذكير أو التوجيه بحمل هدية من الأحساء للشخص الذي تُشدّ الرِّحال إليه؛ إضافة إلى ذلك يجب أن تكون الهدية في وضعٍ لائقٍ، فالرُّطبُ والتين يوضعان في مِخْرَف (إناء مصنوع من خوص النخل) أو قفصٍ مصنوعٍ من سعف النخيل أو سحّارة، وكذلك الحال لبقية المنتجات، ثم بعدها تطوّر الوضع في وضع تلك الثمار في كراتين؛ وتعود بي الذاكرة أن إحدى بنات عمّي زارتني حيث أسكن خارج الأحساء، وأعطتها والدتها سفرة من صنع يديها هدية لي ولا زلتُ أحتفظ بها، أما والدايَ – حفظهما الله – فإنهما مواظبان على هذه العادة في كلِّ زيارة لي خارج الأحساء، فلا يدخلان منزلي إلا وفي يديهما شيءٌ من تلك المنتجات التي تذكِّرني وتزيد من ارتباطي بالأحساء الحبيبة.

في المجمل فإن الأحسائي لا يحتار في اختيار هديته للشخص الذي سيزوره، بحكم الخيرات الكثيرة التي تتمتع بها الأحساء، سواءً كانت محاصيل زراعية أو مصنوعات يدوية أو غير ذلك، والأمر ذاته حال زيارةِ شخص من خارج الأحساءِ فإنه لا يرحل إلا ويُهدى شيئاً من المنتجات الأحسائية بحسب المتوفر وظروف الرجل صاحب الاستضافة.
والآن ونحن في العام 1439هـ، لا زلتُ أرى – بفضل الله تعالى – أن هذه العادة لم تنقطع، وأرجو لها أن لا تنقطع، فالأحسائي كريمٌ بطبعه، ويقدِّمُ بما تجود به يده حال زيارته لأي شخص من الأحساء أو خارجها، فالتهادي توجيه نبويٌ فيه مافيه من الفوائد الجميلة التي تعود على الإنسان بالسعادة وغرس المحبة من خلالها.
أرجو من كلِّ أحسائي أن لا ينسى حمل أي محصول أو مُنتج حال عزمه لزيارة شخص ما خارج الأحساء، شريطة العناية في طريقة تقديمها بما يتناسب مع التراث الأحسائي.

وجهة نظر حول المعرض الدولي للكتاب بالرياض 2022م

  وجهة نظر حول المعرض الدولي للكتاب بالرياض 2022م   بقلم: عبدالله الرستم   يُعد موسم معرض الكتاب بالرياض من المواسم المهمة، حيث يجتمع تح...