الاثنين، 17 أكتوبر 2022

وجهة نظر حول المعرض الدولي للكتاب بالرياض 2022م

 

وجهة نظر حول المعرض الدولي للكتاب بالرياض 2022م

 بقلم: عبدالله الرستم


 يُعد موسم معرض الكتاب بالرياض من المواسم المهمة، حيث يجتمع تحت سقف واحدٍ العديد من دور النشر المختلفة، والتي جاءت من أقطار مختلفة من الدول العربية وغير العربية، ويُعد المعرض من الفعاليّات المهمة في الحِراك الثقافي السعودي، والذي يرتاده جميع طبقات المجتمع (العلماء، الورّاقون، الباحثون، الرجال، النساء، الأطفال ...الخ)، وهذا إنما يدلُّ على عناية المجتمع السعودي منذ فترة ليست باليسيرة بهذه الفعالية المهمة، وما يصحبها من محاضرات وندوات ولقاءات ثقافية، وتوقيع إصدارات جديدة، ونحوها من الأمور ذات الصلة بهذه الفعالية.

وكما هو المعتاد في كل عام، هناك من يرصد الحَدَث من جميع جوانبه، فهناك من ينظر إلى الجانب التنظيمي، وآخر يتابع حركة الطباعة في العالم العربي كماً وكيفاً، وهناك من يتابع أسعار الكتب، وكلٌ يتابع حيثيات هذه الفعالية بحسب اهتمامه، وإن إعطاء نظرة شمولية حيال هذا المعرض لَهُوَ من الصعوبة بمكان، إلا أن العناية بتلك الحيثيات وإبداء الرأي فيها مهما كان قاصراً، يبقى محل تقدير؛ لأن عين الراصد مهما كانت قاصرة فإنها ستنضج بعد حينٍ، خصوصاً إذا كانت تنشدُ الحقيقة.

وكوني متابعاً لهذه الفعاليات منذ ما يزيد على عقدين ونصف من الزمان، فإني أوثّق بشكل موجز ما وجدته هذا العام، وذلك على النحو التالي:

1. (المساحة): تميّز المعرض هذا العام بتوسيع المساحة، مقارنة بالعام الماضي، حيث تم إنشاء مخيّم موازٍ للمبنى الرئيسي مجهّز بالإنارة وأجهزة التكييف، وهذا منح مشاركة عدد أكبر من دور النشر، ويساهم في عرض أكبر قدر ممكن من الكتب كماً وكيفاً، بالإضافة إلى أن عدد الزائرين بدأ يرتفع عن السنوات السابقة، مما يجعل حركة الزائرين أكثر سهولة في التنقل مع هذه المساحة الكبيرة.

2. (الدُور المشاركة): في السابق كانت هناك دور نشر مألوفة، تشارك كل عام، مما يوحي أن الدولة الفلانية هذا أشهر وأهم ما لديها من دور النشر والمكتبات، في حين أن هذا العام زاد عدد الدور المشاركة من دول عربية، وهذا ما أعطى المعرض لوحة أكثر إشراقاً من حيث التنوّع في العرض، مما جعل القارئ السعودي وغيره ينظر إلى الكتاب بعين أخرى إزاء هذا التنوّع الذي سيثري الجميع.

3. (التنظيم): حصلت انتقادات العام الماضي تجاه تنظيم القاعات وطريقة تصميم الأجنحة، في حين أن هذه السنة أعيد تنظيم الأجنحة بشكل يساعد الزائر على التحرّك بشكل أفضل، وإن كان هناك بعض الارتباك حول ترقيم الأجنحة، إلا أني أتصوّر سوف يعاد غربلة السلبيات في هذه الجزئية في المعرض المقبل، وهذا أملُ كل زائر.

4. (الأسعار): لا زالت قضية الأسعار تؤرّق الزائر الذي ساهم في نفوره لزيارة المعرض عدة مرّات، فبعض دور النشر يُقحم كل مشاكل الاقتصاد العالمي في ارتفاع أسعار الكُتب، في حين نجد بعض دور النشر تطبع كتبها على ورقٍ ممتاز، وإخراج لا يقل روعة عن نُظرائه، وأسعاره مناسبة ومعقولة، ولا أحد يعلم لغز ارتفاع الأسعار، فصاحب الجناح (العارِض) يرمي سهامه على قضايا متعددة، دون أن يحدد جذر المشكلة، فتارة يرمي باللائمة على أنه يتحمّل كل المصاريف من شحن، وسكن، ومأكل ومواصلات وإيجار جناح ...الخ، وتارة أخرى يضع لومه على ارتفاع الأسعار، وأن هناك مشكلة في ارتفاع أسعار مصممي الكتب والمترجمين، أو الورق وغير ذلك، وتارة يوجّه لومه على قضايا أخرى!! في حين أنه في العام المنصرم تكفّلت وزارة الثقافة بالشحن المجّاني ولم نجد أي انخفاضٍ يُذكر في أسعار الكتب!!

5. (وقت الزيارة): كانت هناك تغييرات في مواقيت الزيارة (الافتتاح والإغلاق)، وهذا جعل حالة التذمّر تزداد بحسب ما سمعته كثيراً من زائري المعرض أو أصحاب الأجنحة، حيث كان وقت الزيارة هذا العام من الساعة 11:00 صباحاً وحتى 12:00 منتصف الليل، وهذا في حد ذاته إرهاقٌ على أصحاب الدور، وعدم الاستفادة من الفترة الصباحية، بينما كان في الأعوام السالفة من العاشرة صباحاً وحتى العاشرة مساءً، فهي فترة معقولة جداً.

6. (الخدمات الأخرى): تم هذا العام زيارة عدد مواقف السيارات، وهذا أمرٌ مهمٌ للغاية، ونقل خدمات المشروبات الساخنة والمطاعم في المساحة الخارجية، دون إقحامها داخل صالة المعرض، تلافياً للازدحام، كذلك وضع منصّات التوقيع على مساحة كبيرة في زاوية محددة، وهذه الخدمات وتوزيعها يُعد جميلاً من حيث التقسيم المذكور.

7. (أخيراً): ربما أغفلتُ بعض الأمور، إلا أني لستُ بصدد الإحصاء وتقصّي كلَّ شيء، في حين أحببت الإشارة إلى هذه النقاط كوني أحد زوّار هذه الفعالية الجميلة التي تناسب البعض ولا تناسب آخرين، مع أملنا في تطويرها نحو الأفضل.

 تحياتي لكل زائر لمعرض الكتاب، والذي آمل منه أن يستفيد من زيارته التي أكسبته شيئاً من خوض التجربة والزيارة الميدانية لهذه الفعالية، والذي آمل منه بشكل أدق أن يلتفت إلى ما اقتناه من كتبٍ هذا العام وليقرأه بتأمّل؛ ليوجّه نظراته في المعارض القادمة نحو ما يحتاجه، وأن يرزقه المال الوفير والصحة التي ستساعده حتماً على زيارة هذه الفعاليات الجميلة.

 

الأحد، 8 مايو 2022

ماذا عن عناوين الكتب الظريفة؟!

 


ماذا عن عناوين الكتب الظريفة؟!

?عبدالله بن علي الرستم

 يقودني الفضول في قراءة عناوين الكتب التي تحملُ ظرافة في العنوان، والتي يبتعد عنها بعض القُرّاء، إما بحجة الترف الثقافي، أو ما يُعبر عنها أنها كُتُبٌ للفراغ، أو تحت أي مسمى يُطلق عليها، إلا أني من خلال هذه العناوين الظريفة وجدتُ فوائد عدّة في طيات تلك الكتب، والفائدة تختلف من كتابٍ لآخر، وحاجة كل قارئٍ لما يبحث عنه، هذا من جهة، من جهة أخرى أن جمع معلوماتٍ متناثرة من بطون الكتب بين دفّتي كتاب تجعل باحثاً ما يقرأُ هذه الفكرة أو تلك من زوايا عدّة بحسب اهتمام وتوجّه القارئ/الباحث، فليس من اللائق رمي تلك العناوين بعبارات قاسية، فهي تمثّل إما ثقافة مؤلِّفٍ أو مجتمع أو أي سبب من الأسباب دَعَتِ المؤلف أن يكتب كتاباً تحت هذه الجزئية أو غيرها، وبعض المؤلِّفين يذكر سبب ذلك في مقدمة كتابه، والبعض الآخر لا يذكر سبب التأليف.

فمن تلك العناوين التي لفتت نظري على سبيل المثال لا الحصر، التالي:

1. الجراد في التراث العربي، الدكتور/ ناصر الدين الأسد.

2. الأحذية والنعال .. صورة من الحضارة العربية  الإسلامية، أ. د/ ابتسام مرهون الصفّار وَ أ. د/ بدري محمد فهد.

3. شعر الجن في التراث العربي، الدكتور/ عبدالله بن سُليم الرشيد.

4. أدب المقابر .. قرآناً ونثراً وشعراً، الشيخ/ قيس العطّار.

5. أدب السجون .. (هناك عدّة كتب وروايات أدبية تناولت هذا العنوان).

6. اللطائف في الكنافة والقطايف، جلال الدين السيوطي.

7. فص الخواتم فيما قيل في الولائم، محمد بن علي بن طولون الدمشقي.

8. حدائق النمّام في الكلام على ما يتعلّق بالحمّام، أحمد بن محمد الحيمي الكوكباني.

9. العنوان في الاحتراز من مكائد النسوان، علي بن عمر الأبوصيري "ابن البتنوني".

10. معجم أعلام الجِنّ، عبدالرسول زين الدين.

وغيرها كثير من الكتب التي تحملُ عناوين ملفتة وظريفة، وبين طيّاتها ثقافة أو معلومات تستحق التدوين والدراسة.

 فمن الباحثين من تناول هذه العناوين الغريبة بشيء من التلخيص والدراسة، حيث كتب الأستاذ/ محمد خير رمضان يوسف عدة كتب حول عناوين الكتب النادرة والغريبة، وذل في أكثر من كتاب، مثل:

1. جولة بين كتب غريبة.

2. كتب نادرة من التراث الإسلامي.

3. نوادر الكتب .. غريبها وطريفها.

 ختاماً: لا يسعُ الإنسان إلا أن يمارس القراءة والكتابة في أيّ مجالٍ أراد شريطة تجويد ما يكتب، والعناية فيما يقرأ، فالحياة ليست حكراً على القراءة في جوانب محددة، حتى نحدد ماذا يقرأ الناس وماذا لا يقرؤون!!


السبت، 8 يناير 2022

منهجية البحث عند السيد العوامي

 


منهجيّة البحث عند السيد العوّامي

 بقلم: عبدالله بن علي الرستم

 إن من يقرأ للسيد عدنان العوّامي بحثاً فإن من ضمن الأشياء التي تستحق المتابعة هي: "المنهجية"، فهو لا ينطلق من أحكام مسبقة، ولا تجتذبه الاستحسانات، ولا يستعجل فيما يودُّ قوله؛ بل يستفيضُ في بحث المسألة من جميع جوانبها ما أمكنه بكل أناةٍ وصبر، وهذا الأمر لاشك أنّه يرجع إلى حياة مليئة بالثقافة والاطّلاع الواسع في كثير من صنوف المعرفة، ولعل خير شاهدٍ في هذا والشواهد كثيرةٌ تحقيقه لديوان أبي البحر الخطّي، والذي مكث فيه سنواتٍ من العمل وإخراجه إلى النّور بحلّةٍ قشيبة، ففي مقدمة الديوان يذكر الجهود السابقة لمن أخرج ديوان الخطّي، مع التعريف بمحتويات ومواصفات النسخة المطبوعة، مع ذكر حسناتها وبعض الإخفاقات، دون التوسّع والتعريض بمن عمل في إخراجها؛ بل إنه يعدّ ذلك الإخراج بما فيه من هِناتٍ أن اجتهد وحفظ لنا وللأجيال شعر أبي البحر، ثم إنّه يذكر طريقته ومنهجيته في التحقيق كما هو معروفٌ في هذا العِلم، من جمع النُسخ الخطية وذكر مواصفاتها بما يخدم المطّلع والباحث؛ ليكون القارئ على علمٍ بالجهد المبذول والطريقة المتّبعة في إخراج الديوان، ناهيك أنّه اعتمد على أربعِ نسخٍ خطّية تقريباً والتي لها مساهمة في إبراز الديوان بشكل يتناسب وحجم الشاعر وموقعيّته في الأدب العربي.

إضافة إلى ما ذُكر فإن السيد العوّامي رجع إلى جملة من المصادر المهمّة في هذا التحقيق، كالمخطوطات، والمجلات، والمصادر التراثية والمتأخرة وغيرها ذات صلةٍ بشعر وأدبِ الشاعر الخطّي، حيث أبان الغامض، وترجم للأعلام، وحدد المواقع، وأحال المعلومات إلى مصادرها، كلُ ذلك جاء بما يستدعي المقام بين إسهاب وإيجاز، فالمنهجية إن ولَجت عملٍ ما زادته بهاءً، ومنحته إشراقاً، وخدمت الباحثين في بحوثهم، ففي الأثناء التي نرى بعض المحققين يسهبون ويملؤون هوامش الكتاب بالمطوّلات فإن السيد العوّامي ليس كذلك، وهو القائل: (وأمّا اللغة فاكتفيتُ بشرح القليل من مفرداتها، لما وجدته من سهولة لغة الشاعر، ونُدرة الغريب فيها، وما أوجب اللَّبسَ، وبدا عليه الغموض فأغلبه آتٍ من التصحيف، والأخطاء الإملائية) وهنا التفاتة مهمّة، تدلُّ على تتبع العوّامي فيما ورد في تلك النُسخ الخطية والمصادر المطبوعة، فهو هنا ينطلق محققاً وشاعراً، حيث كما هو معلوم أن العوامي يجيد قرض الشعر منذ أيام شبابه، وهذه الالتفاتة إلى التصحيف والأخطاء دلالة على ثقافة في منهجية تحقيق الشعر، ويكمل العوّامي قائلاً: (وأما ما يُلاحظ من الكلمات المشروحة فهو، في الغالب، لتلك التي كانت مصحّفة في الأصل، وغرضي من ذلك لفت النظر إلى أصل الصواب فيها).

لذا، من يقرأ الديوان يجد الهوامش بين توضيحات ذات صلة بالديوان، أو تبيانٍ لأمرٍ ما  دون إسهاب، وما هذا إلا للحفاظ على المنهجية التي حريٌ بأن تكون واضحة المعالم عند الباحث أو المحقق.

 

صحيفة الجزيرة (الثقافية)

الجمعة - السبت ٤-٥ جمادى الآخرة ١٤٤٣ه‍ (٧-٨ يناير ٢٠٢٢م)

العدد (١٧٩٠١)

 https://www.al-jazirah.com/2022/20220107/cm15.htm


وجهة نظر حول المعرض الدولي للكتاب بالرياض 2022م

  وجهة نظر حول المعرض الدولي للكتاب بالرياض 2022م   بقلم: عبدالله الرستم   يُعد موسم معرض الكتاب بالرياض من المواسم المهمة، حيث يجتمع تح...