الجمعة، 26 يونيو 2020

تحقيق التراث - الفضلي




اسم الكتاب:
تحقيق التراث
المؤلف: الدكتور/ عبدالهادي الفضلي (1354 - 1434هـ)
الناشر: مكتبة العِلم جدة
تاريخ الطبع: الطبعة الأولى 1402هـ (1982م)
عدد الصفحات: 231 صفحة

بقلم: عبدالله بن علي الرستم

عرض وتعريف:
يُعد هذا الكتاب من الكتب المهمة في مجاله، وذلك لركيزتين، هما:
- لغة الكتاب السهلة والثرية بالمعلومات.
- سعة اطلاع المؤلف في هذا المجال المصحوبة بتجربة ثرية في مجال التحقيق.
وقد جاء الكتاب - حال التأليف - بعد أن مارس المؤلف التحقيق على ستة كُتبٍ رصد أسماءها في آخر الكتاب، وهذا ما جعل من الكتاب مادة مليئة بالمعلومات والشواهد التي تساعد القارئ على فهم المادة، وإن كان يعدّها المؤلف محاولة متممة لمن سبقه، إلا أنها محاولة رائعة بحجم التوسع والعناية في طرح المعلومات ذات الأهمية.
وكما هي عادة المؤلف من إعطاء نبذة تاريخية في كثير من مؤلفاته، فإن هذا الكتاب ليس بعيداً عن غيره من الكتب، فقد ابتدأ المؤلف بنشأة التحقيق وتطوّره في أوروبا والبلاد العربية ودور النُسّاخ والمصححين، مع إعطاء تعريف للتحقيق وشروطه، وأدوات المحقق أو ما يستلزم على من يريد الخوض في هذا المجال، والتي منها: جمع النسخ، والاطلاع على فهارس المطبوعات، والعناية بمتابعة ما يُطرح في الدوريات المعنية بشؤون المخطوطات العربية وغير العربية، وغيرها.

ثم تطرّق بعدها إلى خطوات التحقيق والتي منها: توثيق نسبة الكتاب إلى مؤلفه، وذلك بالرجوع إلى فهارس الكتب، والاطلاع على أمّهات كتب التراجم والطبقات، والحرص على ضبط عنوان الكتاب ومؤلفه والتأكد من مقابلة النسخ حال تعددها، والتثبت من المصطلحات والعبارات الواردة في الكتاب محل التحقيق، وذلك ليتلافى التصحيف والتحريف وأن يحرص في تقويم النص.


أما الفصل الأخير فقد ركّز المؤلف فيه على ما يُسمى بـ(مكمّلات التحقيق) كتخريج النصوص وإيعازها إلى مصادرها، والتعليق على ما يستحق التعليق دون إثقال الهامش بتعليقات بديهية أو لا صلة لها بالمادة محل التحقيق، والعناية بالتنقيط والتشكيل والترقيم والتهميش والفهرسة، لتكون خاتمة التحقيق مقدمة المحقق التي يذكر فيها ما يريد ذكره، وما هو متعارف عليه، مثل: ذكر أهمية الكتاب، التحقيقات السابقة لهذا الكتاب، طريقة التحقيق ونحو ذلك، مع ذكر المصادر والمراجع في خاتمة الكتاب، مع تطرق المؤلف إلى الفرق بين المصادر والمراجع، حيث نقل أقوال المؤلفين واشتقاقاتهم في هذين المصطلحين ومتى يتم استخدامهما، ليكون رأي بعضهم أنه لا فرق بينهما.

وكما أسلفتُ في بداية الحديث، أن المؤلف أشبع المادة بكثرة الشواهد لغرض (التسهيل على الطالب فهم المادة، وتيسيراً لمفاهيمها ومداليلها العلمية، ومعالجة بعض المصطلحات اللغوية)، حيث إن الكتاب كان مادة درسٍ وضعت ضمن مناهج تحقيق التراث بجامعة الملك عبدالعزيز بجدة حينما كان المؤلف مدرساً للمادة وفي الجامعة.
وبالنظر إلى كثرة ما كُتب في هذا المجال والتي تجاوزت المصنّفات فيها إلى أكثر من 20 أو 30 مصنّفاً، إلا أن للدكتور الفضلي بصمةٌ واضحةٌ في قيامه بتصنيف الكتب الدراسية ذات الشمولية والعمق في وقت واحد، وبحسب اطّلاعي بأن هذا الكتاب رجع له كثيرٌ ممن كتب في مجال (تحقيق التراث والنصوص) ليكون أحد مصادرهم، خصوصاً لو نظرنا إلى الفترة الزمنية التي صُنّف فيها هذا الكتاب، وقد طُبع طبعات عديدة وهذا مما يدلل على أهميته، ولا أظن أن هذا التعريف يفي بالغرض لمن له عناية أو اهتمام بالتحقيق، فعلى المهتم بالتحقيق أن يضيف إلى قراءاته هذا الكتاب ليجد أن الشواهد التي ذكرها لا تقلُّ أهمية عن مادة الكتاب التي عرّفنا بها في هذه السطور.

الاثنين، 22 يونيو 2020

ماذا عن حقوق الناس؟


ماذا عن حقوق الناس؟
بقلم: عبدالله بن علي الرستم

يعيش كثيرٌ من الناس ظروفاً صعبة، وتختلف هذه الظروف من زمانٍ لآخر، ومن شخصٍ لآخر، وذلك نتيجة ما تتطلبه الحياة من مالٍ يُبذل في وجهه، ومع هذه الظروف يتعلم بعضهم من تلك الضغوط التي تهيمن على الحياة، وبعضهم لا يتعلّم منها. وقد علّمنا القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة على عدة مسائل، منها السعي لتحصيل المال من وجهه المشروع، ومنها أن مع كل شدة تخيّم على الإنسان سيصحبها يسرٌ وانفراج، وأنه في حال الدين علينا سداد تلك الديون، وغيرها من المسائل التي بات يعرفها كل الناس، إلا أن حالةً بدأت تتضخم على سطح الحياة الاجتماعية في عدم قدرة بعضهم - إما قصداً أو بدون قصد - في عدم سداد ما عليهم من أموال، سواءً كان الطرف الآخر فرداً أو مؤسسة أو نحو ذلك.
ولذا علينا أن نكون واعين لرسالة السماء في مسألة الحقوق المادية والمعنوية على حدٍ سواء؛ لأنه في حال عدم استيعاب هذه المسألة سيقودنا عدم الوعي إلى حالة من الجفاف في العلاقات الاجتماعية، وهذا خلاف تعاليم النبي صلى الله عليه وآله وسلم، حيث يُروى عنه أنه قال: (مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم، مثل الجسد إذا اشتكى منه عضوٌ تداعى له سائرُ الجسد بالسَّهرِ والحُمَّى)، إلا أن بعض المؤمنين لا يساهم في تجسيد هذه الوصية النبوية؛ إما لنكران حقوق الآخرين، وإما لتساهله في تسديد ما عليه من حقوق، وإما لأسباب أخرى، وهذا مما يساهم في اتساع جفاف العلاقات الاجتماعية، وأن يكون كلٌ مسؤول عن نفسه.

ونتيجة لهذه المسائل في عدم صدق المدين للدائن بسداد ما عليه كالتأخير ونحوه، يلجأُ البعضُ إلى الجهاتِ الرسميِّة وتكبر المسألة، وربما وَصَلت إلى حالةٍ من انقطاع حبل الوصال، أو التشاجر والتشاحن، يُضاف إلى ذلك أن مسألة الثقة مع مرور الوقت تنحسرُ بفعل هؤلاء السَّلبيين من البَشَر.
وقد أوصانا مولانا زين العابدين عليه السلام بقوله: (وأما حقُّ غريمكَ الذي يطالبك فإن كنت موسراً أعطيته، وإن كنت معسراً أرضيته بحسن القول ورددته عن نفسك رداً لطيفا), بينما تجد بعض الأطراف يتوسل توسل المنكسر الذليل حال الطلب، أما في حال السداد تنعكس المعادلة، حيث صاحب الحق هو الذي يتوسّل والطرف الآخر لا تراه يعير غريمه بالاً ولا مقدراً ظروفه، ولا شاكراً له لما قدمه من مساعدة.

وما يزيد الأمر تأزّماً، أن بعض الدائنين يعيش حالةً من الضَنك والحاجة ولا يُشعر غريمه بذلك، بينما غريمه يستغلُّ طيبة الدائن في مماطلةٍ أو تأخيرِ ما عليه من حقوق، وكأنه يضمن العمرَ أو لنيّةٍ بيّتها في تحويل سنة السداد إلى سنوات مضاعفة!؛ بل إن بعضهم يملك المال لصرفه في هوامش الحياة، وصاحب الحق ينتظرُ السنوات متفرجاً على اهتمام غريمه بهوامش الحياة!.
ولعل هناك من الشواهد ما لا يُحصى في هذه المسألة، حتى بتنا نلمحُ حالةً من غيابِ التكاتف، كلُ ذلك بسبب السلبيين من الناس الذين ساهموا في صناعةِ الفجوة باستهتارهم بحقوق الناس المادية، والأدهى من ذلك أن بعض الدائنين يعيش حالةً نفسية كلّما ازدادت سنوات الدَّين، والتي بدورها تسير بأفراد المجتمع إلى انعدام الثقة بين أطرافه.

خاتمة:
ما أجمل أن نُعلِّم أبناءنا وإخواننا ثقافة الحفاظ على حقوق الآخرين المادية والمعنوية، سواءاً كانت المبالغ قليلة أو كثيرة، وأن نربيهم على الالتزام بما أوصانا به الله تعالى، ورسوله صلى الله عليه وآله وسلَّم؛ لنكون خير خلفٍ لخير سلف.

وجهة نظر حول المعرض الدولي للكتاب بالرياض 2022م

  وجهة نظر حول المعرض الدولي للكتاب بالرياض 2022م   بقلم: عبدالله الرستم   يُعد موسم معرض الكتاب بالرياض من المواسم المهمة، حيث يجتمع تح...