الاثنين، 22 يونيو 2020

ماذا عن حقوق الناس؟


ماذا عن حقوق الناس؟
بقلم: عبدالله بن علي الرستم

يعيش كثيرٌ من الناس ظروفاً صعبة، وتختلف هذه الظروف من زمانٍ لآخر، ومن شخصٍ لآخر، وذلك نتيجة ما تتطلبه الحياة من مالٍ يُبذل في وجهه، ومع هذه الظروف يتعلم بعضهم من تلك الضغوط التي تهيمن على الحياة، وبعضهم لا يتعلّم منها. وقد علّمنا القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة على عدة مسائل، منها السعي لتحصيل المال من وجهه المشروع، ومنها أن مع كل شدة تخيّم على الإنسان سيصحبها يسرٌ وانفراج، وأنه في حال الدين علينا سداد تلك الديون، وغيرها من المسائل التي بات يعرفها كل الناس، إلا أن حالةً بدأت تتضخم على سطح الحياة الاجتماعية في عدم قدرة بعضهم - إما قصداً أو بدون قصد - في عدم سداد ما عليهم من أموال، سواءً كان الطرف الآخر فرداً أو مؤسسة أو نحو ذلك.
ولذا علينا أن نكون واعين لرسالة السماء في مسألة الحقوق المادية والمعنوية على حدٍ سواء؛ لأنه في حال عدم استيعاب هذه المسألة سيقودنا عدم الوعي إلى حالة من الجفاف في العلاقات الاجتماعية، وهذا خلاف تعاليم النبي صلى الله عليه وآله وسلم، حيث يُروى عنه أنه قال: (مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم، مثل الجسد إذا اشتكى منه عضوٌ تداعى له سائرُ الجسد بالسَّهرِ والحُمَّى)، إلا أن بعض المؤمنين لا يساهم في تجسيد هذه الوصية النبوية؛ إما لنكران حقوق الآخرين، وإما لتساهله في تسديد ما عليه من حقوق، وإما لأسباب أخرى، وهذا مما يساهم في اتساع جفاف العلاقات الاجتماعية، وأن يكون كلٌ مسؤول عن نفسه.

ونتيجة لهذه المسائل في عدم صدق المدين للدائن بسداد ما عليه كالتأخير ونحوه، يلجأُ البعضُ إلى الجهاتِ الرسميِّة وتكبر المسألة، وربما وَصَلت إلى حالةٍ من انقطاع حبل الوصال، أو التشاجر والتشاحن، يُضاف إلى ذلك أن مسألة الثقة مع مرور الوقت تنحسرُ بفعل هؤلاء السَّلبيين من البَشَر.
وقد أوصانا مولانا زين العابدين عليه السلام بقوله: (وأما حقُّ غريمكَ الذي يطالبك فإن كنت موسراً أعطيته، وإن كنت معسراً أرضيته بحسن القول ورددته عن نفسك رداً لطيفا), بينما تجد بعض الأطراف يتوسل توسل المنكسر الذليل حال الطلب، أما في حال السداد تنعكس المعادلة، حيث صاحب الحق هو الذي يتوسّل والطرف الآخر لا تراه يعير غريمه بالاً ولا مقدراً ظروفه، ولا شاكراً له لما قدمه من مساعدة.

وما يزيد الأمر تأزّماً، أن بعض الدائنين يعيش حالةً من الضَنك والحاجة ولا يُشعر غريمه بذلك، بينما غريمه يستغلُّ طيبة الدائن في مماطلةٍ أو تأخيرِ ما عليه من حقوق، وكأنه يضمن العمرَ أو لنيّةٍ بيّتها في تحويل سنة السداد إلى سنوات مضاعفة!؛ بل إن بعضهم يملك المال لصرفه في هوامش الحياة، وصاحب الحق ينتظرُ السنوات متفرجاً على اهتمام غريمه بهوامش الحياة!.
ولعل هناك من الشواهد ما لا يُحصى في هذه المسألة، حتى بتنا نلمحُ حالةً من غيابِ التكاتف، كلُ ذلك بسبب السلبيين من الناس الذين ساهموا في صناعةِ الفجوة باستهتارهم بحقوق الناس المادية، والأدهى من ذلك أن بعض الدائنين يعيش حالةً نفسية كلّما ازدادت سنوات الدَّين، والتي بدورها تسير بأفراد المجتمع إلى انعدام الثقة بين أطرافه.

خاتمة:
ما أجمل أن نُعلِّم أبناءنا وإخواننا ثقافة الحفاظ على حقوق الآخرين المادية والمعنوية، سواءاً كانت المبالغ قليلة أو كثيرة، وأن نربيهم على الالتزام بما أوصانا به الله تعالى، ورسوله صلى الله عليه وآله وسلَّم؛ لنكون خير خلفٍ لخير سلف.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

وجهة نظر حول المعرض الدولي للكتاب بالرياض 2022م

  وجهة نظر حول المعرض الدولي للكتاب بالرياض 2022م   بقلم: عبدالله الرستم   يُعد موسم معرض الكتاب بالرياض من المواسم المهمة، حيث يجتمع تح...