الاثنين، 14 أكتوبر 2013

رحالة إسباني في الجزيرة العربية



رحالة إسباني في الجزيرة العربية

بقلم: عبدالله بن علي الرستم

تُعد رحلات الحج مصدراً مهماً من مصادر تاريخنا الإسلامي، وخصوصاً المرتبطة بفريضة مهمة وهي (فريضة الحج)، ففي هذه الفريضة يجتمع المسلمون من جميع بقاع الأرض في مكان واحد؛ ليمارسوا ما تتطلبه هذه الفريضة من شعائر. وقد كتب الكثيرون ممن زاروا بيت الله الحرام لأداء هذه الفريضة العظيمة، وتلك المذكرات أو الرحلات مختلفة باختلاف توجهات المدوّنين لمشاهداتهم اليومية، وفي الوقت ذاته تعكس صورة للزمن الذي عاشوا فيه، بدءاً من الحياة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية ونحو ذلك مما له صلة بتلك الفترة.
تُطلُّ علينا رحلة من الرحلات المهمة في هذا الجانب، وهي رحلة (دومنجو باديا) والذي أسمى نفسه (علي باي العبّاسي) إلى مكة المكرمة عام 1221هـ الموافق (1807م)، والتي أصدرتها مشكورة دارة الملك عبدالعزيز تحت عنوان (رحالة إسباني في الجزيرة العربية)، والتي ترجمها وعلق عليها الدكتور/ صالح بن محمد السنيدي.

تبدأ فكرة الرحلة من هذا الرحالة الإسباني حينما بلغ الأربعين من عمره، حيث دخل البلاد العربية متنكراً بالزي العربي، ومدعياً أنه من الأسرة العباسية، ولذا اختار اسماً يتناسب مع البيئة العربية وهو (علي باي العباسي)، موحياً في الوقت نفسه أنه من أصل عربي اضطرت الظروف عائلته للهجرة إلى أوربا إلا أنه ما زال محافظاً على تعاليم دينه الإسلامي رغم تنقله بين بلدان أوربا.

ورحلةً بهذا الحجم لابد وأن تكون فيها بعض المحطات المهمة من رحالة جريء كـعلي باي العباسي، حيث مرّ في رحلته على بلاد المغرب مروراً بالطريق إلى قبرص ومصر، عابراً من خلالها البحر الأحمر ليصل إلى جدة ثم مكة المكرمة لتأدية الحج ويختمها بالمدينة المنورة ثم يرجع إلى حيث أتى، مصوراً في هذه الرحلة كل مشاهداته وآرائه تجاه كل ما يراه من قضايا سياسية واجتماعية وعادات وتقاليد ووصف دقيق لتلك المشاهدات على طول الطريق، فمن الأخطار التي واجهته في هذه الرحلة، ما أصابهم حينما كانوا في البحر الأحمر وهيجانه، والذي وصفها بعد هدوء العاصفة بأنها مرحلة احتضار ونجوا منها، وكان حينها مرهقاً جداً، وبعد أن لبس الإحرام وأدى التلبية، يصور لنا كيفية دخوله مكة وعن الجدال الذي صدر من بعض الشخصيات المكية في استضافته، حيث يقول: (كان في انتظاري كذلك عدد من شخصيات المدينة – يقصد مدينة مكة – وقد دخلوا في جدال فيما بينهم حول من سيستضيفني، إذا إن السكنى من القضايا المهمة لهم مع الحجاج)، فمما يذكره في رحلته كذلك، هو: زغردة جمع من النساء في ساحة الحرم فرحاً بتلقيبه بلقب (خادم بيت الله الحرام) والذي أطلقه عليه السلطان الشريف، حيث تلقى بعدها التهاني من كل الحاضرين. وقد حظي علي باي العباسي بتزويده بشكل مستمر بماء زمزم من قبل بعض العاملين في الحرم المكي. ومن ضمن تصويراته في الحج ذلك الازدحام الشديد والارتباك والغموض حول تشرف الحجيج بتقبيل الحجر الأسود، وذلك في قوله: (وتزداد الحركة في دائرة التدافع المتبادل حتى إنهم ليبدون وكأنهم سرب نحل يطير بشكل فوضوي حول الخلية، يدورون بلا نظام حول الكعبة، وبحماس واضطراب فيحطّمون ببنادقهم التي يحملونها على أكتافهم كل المصابيح الزجاجية حول بيت الله).

ومن ضمن مشاهداته وصفه ما رآه من حالة فقر مدقع في الناس الذين يعيشون في مكة والذين أسماهم أنهم من الطبقة السُفلى، حيث رآهم يسيرون شبه عراة. ومما يميّز هذه الرحلة أنه يدوّن مشاهداته باليوم والتاريخ في كثير من محطات الرحلة الشيّقة، وهذا إن دل فإنما يدل على سعة ثقافة هذا الرحالة الإسباني الواسعة.


نشر هذا المقال في: 
المجلة العربية، ذو الحجة 1434هـ (أكتوبر 2013م)، السنة 38 – العدد 443، ص18-19.

الجمعة، 11 أكتوبر 2013

الواتس آب .. بين السلب والإيجاب



الواتس آب
بين السلب والإيجاب
بقلم: عبدالله بن علي الرستم

        لا يخفى على كثيرٍ من مستخدمي هذه الوسيلة (Whats App) من أثرٍ اجتماعي كبيرٍ، سواءً كان هذا الأثر إيجابياً أم سلبياً، ولكل وسيلة اتصال لها ذلك الأثر، بيد أنه من المفروض أن تكون الآثار إيجابية قدر المستطاع، لا أن تكون السيطرة للجانب السلبي!!.

        ففي تطور وسائل الإعلام من حيث السرعة، بتنا نقرأُ أحداثاً غريبة وعجيبة، فالجميل أن تصلك المعلومة بسرعة البرق، والغريب أن تكون المعلومة ملغّمة بأحداثٍ وهمية يراد لها الشر في المجتمع الذي تنتشر فيه، أو إثارة شيء ما، كالطائفية والكراهية والفتنة ...الخ. وفي هذا الصدد يبرز عقل الحكيم من غيره، حيث إن بعض الأخبار المكذوبة هي التي تنتشر كالنار في الهشيم، على خلافه في الأخبار ذات الأثر الإيجابي، فهي تبقى رهينة الجهاز المُرسلة له رغم الفائدة المُضمّنة في تلك الرسالة.

        ولعل نظرة خاطفةً حيال هذه الوسيلة الإعلامية ذات الصبغة الاجتماعية، تعطيك مؤشرات ثقافية تجاه مستخدمي هذه الوسيلة، فمستخدمي هذه الوسيلة جميع شرائح المجتمع، صغيرهم وكبيرهم، غنيهم وفقيرهم، مثقفهم وجاهلهم، ذكرهم وأنثاهم، ومع تنامي الثقافة في كثير من المجتمعات إلا أننا نرى حالة من السذاجة في التعاطف مع بعض الأخبار ذات الصبغة الطائفية بالدرجة الأولى، أو التي تحتوي على فضائح أشخاص، أو أو الخ. بل لو تم تتبع ذلك الخبر لاكتشفنا مدى كذبه الشنيع من خلال أبسط الوسائل المستخدمة في قراءة أي خبر ما، كعدم وجود رابط يوثق نشره في صحيفة الكترونية أو منتدى أو نحو ذلك، أو لصياغته الركيكة التي تنم عن وجود أيادٍ خفيّةٍ لها شأنٌ ما، أو لغرابة الحدث الذي ربما يحوي أخباراً لا تتناسب مع سلوك أي مجتمع، والأسباب كثيرة.

        ولذا حريٌ بنا جميعاً أن لا نساهم في نشر أيٍ خبرٍ يُراد له الفتنة، أو التشهير أو نحو ذلك، ولتكن هذه الوسيلة لدينا وسيلة إيجابية بكل ما تعنيه الكلمة، لا أن تكون وسيلة لهو وتسلية!! ولنغتنمها في موارد الخير، كالتواصل مع الأهل والأصدقاء وتناقل الأخبار المفيدة، الموثقة بمصادر مهما كان حجم المعلومة؛ ذلك أن أمثال هذه الوسائل ينبغي أن ندرك حجم فائدتها وأنها نعمةٌ من النعم التي أبدعها العقل البشري لخدمة البشرية لا تدميرها.

وجهة نظر حول المعرض الدولي للكتاب بالرياض 2022م

  وجهة نظر حول المعرض الدولي للكتاب بالرياض 2022م   بقلم: عبدالله الرستم   يُعد موسم معرض الكتاب بالرياض من المواسم المهمة، حيث يجتمع تح...