السبت، 27 أبريل 2019

أنوار البدرين - عرض وتعريف



بطاقة الكتاب:
اسم الكتاب: أنوار البدرين في تراجم علماء القطيف والإحساء والبحرين
المؤلف: الشيخ علي بن الشيخ حسن البلادي البحراني (ت 1340هـ)
الناشر: مؤسسة الأعلمي بيروت
تاريخ الطبع: الطبعة الأولى 1414هـ (1994م)
عدد الصفحات: 368 صفحة

عرض وتعريف: عبدالله بن علي الرستم

التعريف بالكتاب:
يعد كتاب (أنوار البدرين) من الكتب المهمة في بابها، فهو بحسب اطلاعي أول كتاب تراجمٍ يتناول أعلام إقليم البحرين الكبير (الأحساء والقطيف والبحرين)، حيث قسّم الكتاب إلى ثلاثة أبواب، كلُّ بابٍ من أبواب الكتاب تتصدره مقدمة تاريخية عن المنطقة ثم تراجم أعلامها، بدءاً من البحرين ومروراً بالقطيف وختاماً بالأحساء حرسهنَّ الله تعالى من الشرور والآفات.
ولعل المطّلع على هذا الكتاب يدرك أن المؤلف ذكر معلوماتٍ جمّة، خصوصاً إذا ما نظرنا إلى الفترة التي تم تصنيفه فيها، حيث إنه في تلك الفترة لم تصدر الموسوعات المهمة في هذا الباب والتي أبرزها: أعيان الشيعة للعلامة السيد محسن الأمين، وطبقات أعلام الشيعة وَ الذريعة إلى تصانيف الشيعة للعلامة الشيخ آغا بزرك الطهراني، والأعلام لخير الدين الزركلي وغيرها كثير، حيث اعتمد هؤلاء وغيرهم على كتاب (أنوار البدرين) في ذكر أعلام هذه المنطقة مع الإضافات التي أضافها مؤلفوا تلك المصنّفات.
نعم .. حصل بعض النقص والسهو في عدم ذكر كثيرٍ من أعلام الإقليم، باعتبار أن هذه المناطق الثلاث مليئة بالعلماء والشعراء والفقهاء، بيد أن المؤلف فاته ذلك لعدم التقائه بعلماء الأحساء على سبيل المثال إلا القليل منهم، وكانت طريقة تسجيلهم مستخرجة إمّا من المعلومات الحاضرة عنده أو من بعض المصادر التي استقى منها معلوماته ووضعها في مواضعها محل الاقتباس. يضاف إلى ذلك أن الشيخ البلادي رحمه الله بلغ عدد الشخصيات التي أدرجها في هذا الكتاب أكثر من 200 عَلَم من أعلام هذا الإقليم، منهم الفقيه والشاعر والعالم والمحدّث وغير ذلك.
وقد نال الكتاب اهتمام كثيرٍ من الباحثين، حيث قام سماحة الشيخ/ محمد رضا الطبسي بطباعته وهو يعدُّ أول من طبعه في النجف الأشرف، ثم قام بعده حفيد الشيخ البلادي الحاج الأستاذ/ عبدالكريم البلادي (معاصر) بتحقيقه وإصداره في ثلاثة أجزاء، وكتب عنه سماحة الشيخ/ حسن بن موسى الصفّار كتاباً يتناول تفاصيل حياة المؤلف من الولادة وحتى الوفاة، والشيخ/ عبدالعظيم بن أحمد الشيخ، ولا زالت الحاجة ماسّة إلى تسليط الضوء على هذا الكتاب ومؤلّفه بجميع تفاصيله، لما فيه من المعلومات المهمّة المختلفة كالإجازات وأسماء الكتب وبعض الأحداث التي عاصرها. يشار إلى ذلك أن المؤلف ولد في البحرين عام (1274هـ) وتوفي والده في طريقه للحج في رابغ وهو صغير السن ثم انتقلت به والدته إلى القديح بالقطيف، ودرس على خاله العلامة الشيخ أحمد بن صالح بن طعّان البحراني وتزوج بابنته، وأكمل دراسته في النجف الأشرف، وتوفي عام (1340هـ) عن 66 عاماً.
لا أظن هذه السطور تفي بحق العلامة الشيخ البلادي رحمه الله تعالى، إنما هي التفاتة منّي لوقوفي على الكتاب كثيراً.


الأحد، 7 أبريل 2019

رحلة مع ديوان "وابيضت عيناه من الحزن"

رحلة مع ديوان "وابيضّت عيناه من الحزن"
للشاعر الأستاذ/ جلال صادق العلي
بقلم: عبدالله بن علي الرستم

سمعتُ عن الشاعر جلال العلي منذ أكثر من عشرين عاماً، وذلك حينما سمعتُ قصيدته التائية (أنتَ الذي جددتَ فيَّ حياتي = ومسحتَ عن عيني دموعَ أساتي) عبر شريطٍ مسجَّل، والتي ألقاها في محفلٍ كبيرٍ في ذكرى النبي الأعظم صلى الله عليه وآله وسلّم، حيثها الانطلاقة الأولى لمتابعة ما تخطه يراعته، وسمعتُ عن ديوانه (صوت العرب) والذي لم أرَه إلا مرّة واحدة عند شاعرٍ آخر، ومرّت السنوات حتى اقتنيتُ له ديوان (الحناجر تموتُ ناطقة) وديوان (مرثية نينوى) ورواية (منفى المنفى) ثم (الصراع على مصر) وأخيراً ديوان شعره (وابيضّت عيناه من الحزن) الصادر عن النادي الأدبي بالرياض لهذا العام 1440هـ، وخلال هذه السنوات لم ألتقِ به أبداً، حتى عن طريق الصُّدفة رغم تكراري على قريته الشامخة (القارة) حرسها الله من كل سوء.
وأستطيع القول من خلال قراءتي لبعض قصائد جلال أنه دعبل وكميتَ زمانه، والغرض من هذا الوصف أن دعبلاً والكميت حَمَلا رسالةً دفعا فيها ثمن رسالتهما، ولا أحصر ذلك في هذين الشاعرين!!؛ بل هناك الكثير ممن حمل رسالة في قصائده، ولكن هكذا تراءى لي من خلال قراءتي لهذا الشاعر الأحسائي، وأنا وإن كنتُ لستُ من نُقّاد الشِّعر إلا أني أحتفظ ببعض قراءاتي القديمة في النقد الشعري فأحببتُ أن أسجّل هذا الوصف عبر قراءتي لشاعر أحسائي معاصر.
في ديوان (وابيضّت عيناه من الحُزن) لا زال جلال يؤكد على عباراتٍ تكاد تكونُ لصيقة مقارنة بأعمالٍ أدبية أخرى، وهذا يعني أنه لا زال يحملُ هذه المصطلحات وما تحويه من معانٍ؛ وما التكرار إلا تأكيداً وليس من لاضمحلال معجمه اللغوي، وهذا التأكيد يأتي عبر صياغات شعرية في قوالب مختلفة تتفجّرُ عبر كلمات مقفّاةٍ وكأن الكون لا يسعه للتعبير عمّا يجول في خلجات نفسه. من المسائل التي يكررها في هذا الديوان التالي:

الحزن والموت:
الحزنُ حالةٌ طبيعية، ترتفع وتيرتها عند أُناس، وتختفي عند آخرين، ففي قصيدته التائية التي أهداها لأبي القاسم الخوئي قال بيتاً من الشعر بما معناه (إني وإن كنتُ في العشرين منتصباً من بؤسنا أرجو دنوّ وفاتي)، ويأتي في هذه القصيدة ليؤكد ما قاله سابقاً:
ما تبقّى من حبل عُمري قصيرٌ = ليس يكفي لرحلة البؤساءِ
ما يعني أن حالةً من الحُزنِ لا زال يعيشها بين جوانحه، وما هذا إلا لوجود نظرةٍ يطمحُ إليها بيد أن بريقها خفَتَ مع الزمن، وربما تشرق شمسُ طموحاته بعد حين.
ويأتي في مطلع قصيدة أخرى ليقول مؤكداً على ما يحمله من غربة داخلية يريد بها الانتقال إلى حياةٍ أخرى:
يا موتُ خذني فما أبقيتَ لي قُربى = بستانُ عمري ذوى من بعدهم جَدْبا
وفي قصيدة (نطفة حزن) كانت هناك فلسفة للحزن باح بها الشاعر، وهي قوله:
غسلتُ بالصبرِ بعض الحزن يا أرقي = وبعضه في جدار القلب قد علقا
شكواي توجعني والصمتُ يخنقني = ولستُ أبصر في الحالين منعتقا
حيث يشير في هذين البيتين أن الطموح مهما بلغَ فإن الصبر مرحلة مهمّة لعشّاق المعالي، وعليهم ألا يكبحوا جُماح ما يصبون إليه من تحقيقه.

الغربة والمنفى:
يؤكد جلال على أنه لا يزال يعيش همّ الغُربة والمنفى علماً أنه لم يتغرّب، بيد أن بعض المليئين طموحاً يعيشون غربةً في أوطانهم؛ لعدم تحقيقِ ما يصبون إليه، ومن ذلك قوله:
وما كان ذنبي أن في الأرض غُربتي = وفي ذروة الآفاق ديني ومذهبي
ويقول:
فجودي على منفاي في الأرض وارفعي = حضيض عثاري في السماءِ وطنّبي
ويقول في بيتٍ آخر:
رُميتُ في الجُبّ لا سيّارة عبرتْ = ولا المقادير ساقت لي به قُدما
حيث في هذا البيت يشير إلى أنه يعيشُ غُربةً في وطنه وبين أحبائه وأقرانه، وما ذلك إلا لوجودِ بعض من يحطم طموحه، وهذا ما استقاه من قصة نبي الله يوسف عليه السلام في الأبيات التي تلي هذا البيت.

السعي للمعالي:
لعل الشعراء الذين لا يهدؤون هم عشّاق معالي الأمور، فالأبيات الشعرية تحكي ما تُكنّه صدورهم، ولو اقتربنا من أولئك الشعراء وسبرنا غور حياتهم لوجدنا الكثير من القضايا التي يأملون تحقيقها، ولذا من عجائب الشعراء أنه بالرغم من وجود مسحةٍ من الحُزن والبؤس في كثيرٍ من أبياتهم، تراهم في جانبٍ آخر يطرقون مسمار المعالي دون التفكير في خلعه، ولا يرضون إلا بتحقيقها وإن خسروا بعض المكاسب، وكأنه كناية عن صبرهم وأنفتهم التي لا يمكن أن تُخلع إلا بخروج الروح، ومن ذلك قول الشاعر:
ستعلو وإن سُدّت عليك المسالكُ = تقدّمْ فلن تثنيك هذي المهالكُ
وسر صعداً فالنجم يرقبُ أوبةً = لخفقِ جناحٍ والدربُ سالكُ
...الخ
ويؤكد في قصيدة (أُعاتب نفسي) على الطموح والسعي للمعالي وإن أخفقت نفسه في تلقّي الدروس، حيث يقول:
بنيتُ قلاعاً من عناد مطامحي = وكنتُ على جرفِ الثرى أرفعُ الأسا
يطير بيوم السعد سربُ مطالبي = فما أنثني حتى أكابده نحسا

الأحساء:
لا يفترُ شاعرٌ أحسائي عن كتابة قصيدة في حبيبته الأحساء ويوثّقها في ديوانه، حيث الأحساء تعني الشيء الكثير عند كل شاعر أحسائي، ومع ذلك فإن جلال مزج الحُزن بالأمل وبالعشق الذي يبدد أحزانه، وما ذلك إلا لقدرة الشاعر في تجاوز هذا الاضطراب، فكلُّ شاعرٍ مهما بلغ حزنه وطموحه وغربته فستبقى نفسه تتوقُ إلى التراب الذي عاش بين حبّات رمله، وخرير مياهه، وتاريخ أسلافه المجيد.

أخيراً:
كانت هذه رحلةٌ سريعةٌ على ديوان الأستاذ/ جلال، وأؤكد أن عهدي بالنقد قديمٌ، إلا أني أحببتُ أن أُسجل هذه الخلجات عبر حروف تتناقلها أعينُ القُرّاء .. وأرجو لشاعرنا التوفيق والسداد.


وجهة نظر حول المعرض الدولي للكتاب بالرياض 2022م

  وجهة نظر حول المعرض الدولي للكتاب بالرياض 2022م   بقلم: عبدالله الرستم   يُعد موسم معرض الكتاب بالرياض من المواسم المهمة، حيث يجتمع تح...