الاثنين، 20 فبراير 2017

خطة العمل الغائبة - مناقب ابن المغازلي


خطة العمل الغائبة في تحقيق الوادعي لكتاب: (مناقب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب)

اسم الكتاب: مناقب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه
المؤلف: الحافظ أبي الحسن علي بن محمد الواسطي المعروف بابن المغازلي المتوفى سنة 483هـ
تحقيق وتعليق: أبي عبدالرحمن تركي بن عبدالله الوادعي
دار النشر: دار الآثار – صنعاء 
تاريخ النشر: الطبعة الأولى – 1424هـ (2003م)

قراءة: عبدالله بن علي الرستم

العـــرض:
تحدث في مقدمته عن موقف أهل السنة والجماعة تجاه أهل البيت عليهم السلام، موضحاً أن أهل السنة هم أهل وسطية لم ينحازوا إلى فرقة من الفرق الإسلامية، موضحاً في الوقت ذاته أن هناك ثلاث طوائف انقسموا تجاه أهل البيت عليهم السلام، فالأولى هم الذين رفعوا أهل البيت فوق منزلتهم الرفيعة، وهم على قسمين: (أ) فعلوا ذلك عن جهل يحتاجون إلى مرشد. (ب) أصحاب مقاصد دنيئة وأهداف ذميمة كالعبيديين والمختار الثقفي وعبدالله بن سبأ.
والثانية: وهم النواصب الذين يعادون أهل البيت عن جهل فضائلهم، حتى سفكوا دماءهم.
أما الثالثة: فهم أهل العدل والإنصاف المتوسطون في الأمور، ويقصد بذلك أهل السنة كما أوضح خلال كلامه.
اعتمد في تحقيقه للكتاب على نسخة مخطوطة وُجدت في مكتبة الجامع الكبير بصنعاء، وعلى نسخة مطبوعة في دار مكتبة الحياة، وقد وضع صورة لغلاف النسخة المخطوطة. ثم أتى على ترجمة موجزة للمؤلف في صفحة واحدة فقط.
- أتى الحديث بعد ذلك إلى مدى أهمية الكتاب من حيث أنه يحوي فضائل أهل البيت رغم ما فيه من الموضوعات، ثم جاء بمتن الكتاب والذي يحوي على تعليقات كثيرة ضمّنها المحقق في الهامش.

بعد هذا العرض الموجز حول الكتاب آنف الذكر، نقول الآتي:
1- ص7: نعت قسماً من الناس بأنهم يدّعون الحب لآل البيت، إلا أنه نسي ذكر بعض الشواهد التي لم يوثقها بمصدرٍ للرجوع، حتى يتم معرفة صحة مدّعاه، وهذا مما يخل بمنهجية البحث العلمي الذي يجب توافر المصادر المتعلقة بالمعلومات المضمّنة في الكتاب.

2- حوى الكتاب على مقدمة، إلا أنها ليست كلاماً علمياً، بل هي أشبه بالكلام الخَطابي والوعظي، وهذا مما لا ينبغي في مقدمة كتاب يحتاج إلى تحقيق، لأن التحقيق يعني مخاطبة أهل العلم وأهل العقل، وليس عوام الناس.

3- استعمل المحقق مصطلحات لا تليق بطالب علمٍ أو محقق، مثل: (ص6: "وبئس ما قال"، ص7:
قوله "الفاسد" و"اللئيم" "الذميم" "قبحه الله"، قوله: "وغيرهم كثير لا كثرهم الله")، (ص21 في الهامش: "هذه مجازفة قبيحة")، هذه الكلمات وغيرها من الكلمات التي خطّها المحقق، بعيدة كل البعد عن العلم ومنهج التحقيق، وكذا هي بعيدة عن مضمون الكتاب، وكلامنا ليس عن استحقاقهم لهذه النعوت من عدمها، بل كلامنا على منهج التحقيق الذي ينأى باستخدام هذه المصطلحات.

4- اعتماده على نسخة خطّية واحدة وأخرى مطبوعة، وهذا خلاف التحقيق، لأن الكتاب طُبع أكثر من مرة كما ذكر في فصل: (كلمة حول أهمية الكتاب)، مما يعني أن تلك المطبوعات ترجع إلى نسخ خطّية موجودة في إحدى خزائن الكتب في العالم، وهذا يخل بمنهج التحقيق الذي يجب البحث عن نسخ خطية أخرى، أو نسخ مطبوعة محققه بأقلام آخرين، ليتم التعرّف على منهج أولئك وهذا ما لم يوضحه المحقق. ولنا أن نضيف بأن الكتاب تم طباعته وتحقيقه مرتين، الأولى في إيران عام 1394هـ وطبعة أخرى 1402هـ، وأعيد طباعته في بيروت عام 1412هـ.
يضاف إلى ذلك أن مؤلف الكتاب عاش في القرن الخامس الهجري وليس القرن الخامس عشر، مما يعني أنه لابد من تواجد نسخ خطّيّة أخرى غير التي اعتمد عليها.
5-  وضع فهارساً في آخر الكتاب، بينما لم يشر إلى مصادر التحقيق التي استقى منها معلوماته في تحقيقه لهذا الكتاب، ومصادر التحقيق تعتبر من المسائل المهمة في تحقيق الكتب، إلا أن محقق الكتاب لم يشر إلى ذلك. كذلك لم يضع فهرساً للأشعار والتي لم يخلو الكتاب منها.

6- منهج التحقيق:
لم يقم المحقق بوضع خطة عمله في التعامل مع المخطوط، صحيح أنه ذكر اعتماده النسخة المخطوطة كنسخة أصلية، إلا أن مقصدنا هو منهج التحقيق الذي تناوله مع تضعيف الأحاديث وتصحيحها، بل ذكر عبارةً مبهمة هي: "ص18 قوله: كسى هذا الكتاب بتحقيقات وتخريجات وفوائد علمية"، لكنه نسي أن يوضح لنا منهجه في التصحيح والتضعيف.

7- تناول المؤلف في تحقيقه هذا الكتاب الكثير من الأحاديث ونعتها بالضعف تارة، والوضع مرة أخرى، دون رجوعه إلى أمهات المصادر الحديثية، والتي صحح تلك الأحاديث العلماء. وقد يكون المحقق على حق في رمي بعضها بالضعف والوضع، إلا أن هناك أحاديث كثيرة تُروى بنفس الصيغة أو بغيرها، فلا أعلم لماذا لم يتطرق لها، ومنها ما ذكره النسائي في (خصائص الإمام علي) وهي روايات كثيرة ولها تخريجات في أكثر من طريق، ويراها بعض محققي الخصائص أنها تلك الأحاديث صحيحة، فلا أعلم أي منهج يتبع المحقق ليتسنى لنا كيف نتعامل مع كتابه هذا!!. ثم إن المحقق لا أرى اعتماده في التضعيف والتصحيح إلا على طريق غير علمية، منها الانتماءات المذهبية لبعض الرواة. يضاف إلى ذلك أن بعض الروايات قد وردت بأسانيد مختلفة ذكرها المؤلف وصحح بعضها المحقق، ولا نرى من عمله سوى نقله ما قاله المتقدمون من العلماء، ولا نرى جهده واضحاً في التصحيح والتضعيف.

8-  الوسطية: تحدث في مقدمته أنه من الأمة الوسط، مستشهدا بالآية الكريمة (وجعلناكم أمة وسطا) ولا أعلم هل الأمة الوسط تستخدم أقبح الألفاظ في التحقيق؟ بل أبشعها استخداماً، وقد ذكرنا جزءاً منها، أم أنها تنزّه نفسها عن الألفاظ الدنيئة التي تناسب أبناء الشوارع. فلا أرى مسوغاً حتى الآن من استعمال المحقق هذه الألفاظ التي هي بعيدة كل البعد عن المنهج العلمي للتحقيق. 

9-  إن شياع بعض الأحاديث وكثرة طرقها توحي بأن متنها صحيح، وإن كان سندها ضعيف، وهذا ما لم يشر إليه المحقق سوى في بعض الأحاديث، وبهذا قال الأعلام من المحدثين في روايتهم لبعض الأحاديث ذات السند الضعيف والمتن الصحيح.

10-  لا يسعنا في هذه العجالة إلا أن نقول سوى: كم هو رجاؤنا أن هذا المحقق بذل جهداً مضاعفاً للتثبت في كل كلمة ينقلها، بدلاً من استخدام لغة التضعيف والتهميش لمثل هذه المناقب العظيمة .. وما رأينا في تحقيقه هذا إلا العناد، وعدم النقد المبني على العلم.
ثم إن ملاحظاتنا على الكتاب المحقق ليست هذه فقط، بل اكتفينا بذكر بعضها، لأن الكتاب يحتاج إلى تحقيق آخر مبني على العلم، ذلك أنه يحتاج إلى مصادر كثيرة يجب الرجوع لها ويناقشها مناقشة علمية.

رابط المقال
جريدة المدينة ملحق (الأربعاء) في 24/5/1431هـ صفحة 29



الأربعاء، 8 فبراير 2017

الهجريون ودورهم في رواية الحديث - قراءة وتعريف






بطاقة الكتاب:
اسم الكتاب:  الهجريون ودورهم في رواية الحديث
المؤلف:  محمد بن علي الحرز
الناشر: بدون
تاريخ النشر: الطبعة الأولى – 1438هـ (2017م)
عدد الصفحات: 269 صفحة
المقاس: 14.5 × 20.5 سم

 قراءة وتعريف: عبدالله بن علي الرستم

التعريف والقراءة:
يشكّل هذا الكتاب أهمية كبيرة في تاريخ الأحساء؛ لما للموضوع الذي تناوله المؤلف من قيمةٍ كبيرة، خصوصاً وأن الزاوية التي تناولها بحثاً تُعد زاوية مهمّة وبحاجة إلى تسليط الضوء على الدور العلمي للهَجَريين، وكذلك يعد هذا الكتاب رافداً مهماً في كتب التراجم الخاصة بمنطقة الأحساء، فمع وجود مصنّفات سابقة لهذا الكتاب، مثل: (أعلام هَجَر) للسيد هاشم الشخص الأحسائي وغيره من المصنّفات؛ إلا أن هذا الكتاب يسدّ ثغرةً مهمّة في كتب الأعلام الأحسائيين.

كان مدخل المؤلف لكتابه بارزاً ومهماً، وذلك بتوضيحه اسم (هَجَر) ومدى مشابهته لأسماء مواقع أخرى كـ(هَجَر اليمن) و (هَجَر المدينة)، مستشهداً ومرجّحاً بقرائن تدعم أن من ينتسب إلى (هَجَر) هو من (هَجَر إقليم البحرين التاريخي) خصوصاً أن بعضهم مذكور بنسبته إلى القبيلة وهي قبيلة عبدالقيس التي قطنت الساحل الشرقي من شبه الجزيرة العربية. ولا يخفى على من يتابع كتب المؤلف ومنها هذا الكتاب أنه يسلّط الضوء على الموضوع محل البحث متجاوزاً الاستطرادات التي لا تمت إلى صلب البحث بصلة.

تناول المؤلف شيئاً يسيراً من تاريخ قبيلة عبدالقيس التي نزحت إلى (هَجَر) والأسباب التي دعت لذلك النزوح بما يسمح به المقام، ومعرّجاً على دور الهجريين في رواية الحديث، حيث إن مقدمة المؤلف تكمن أهميتها بأن أبناء المنطقة ليسوا منغلقين على أنفسهم أو أنهم يحصرون اهتمامهم في زوايا معيّنة؛ بل أثبت أن لهم إسهاماتهم في إعمار الأرض بشتى السبل، ومنها حبّهم وإحيائهم للعلم مع مشاركتهم في الحفاظ على بيضة الإسلام فور بزوغه في جزيرة العرب والأحداث المصاحبة له.

أما خطة البحث فقد كانت واضحة المعالم، من حيث ذكره مستويات الحديث عند الهجريين الذين رصدهم المؤلف بين دفّتي كتابه، مع الإشارة إلى أن عدد من ذكرهم من الرواة يبلغ 54 راوياً هَجَرياً. ولا شك أن هناك آخرين لم يتطرق لهم المؤلف بيد أنه وضع مصنّفه ليساهم في توثيق هذه الزاوية من تاريخ المنطقة ذات البعد الحضاري.

وقفة قصيرة:
أشير في هذه الوقفة القصيرة أن المؤلف رغم الجهد الذي بذله في رصد هذه الأسماء فإن لي بعض الأمور إشارة وليس حصراً وهي على النحو الآتي:
1-    عدم ذكر تواريخ ولادة الرواة المعنيين محل البحث ووفياتهم، حيث إن ذكر هذه التواريخ أمر مهم في هكذا كتاب، وسأشير إلى بعضهم بشكل سريع.
2-    ص48 ترجمة إبراهيم بن مسلم الهجري: لإبراهيم الهجري سبعة طرق إلى رسول الله (ص) ذكر المؤلف أربعة وفاته ثلاثة طرق، وسأذكر ما فاته وهي: أن إبراهيم الهجري يروي عن أبي الأحوص عن عبدالله بن أبي أوفى عن رسول الله (ص)[1]، وعن عبدالله بن مسعود عن رسول الله (ص)[2]، وعن أبي عياض، عن أبي بكرة عن رسول الله (ص)[3].
كذلك روى عن مجموعة لم يتطرق لهم المؤلف وهم: عبيدالله بن معية السوائي من بني عامر بن صعصعة، وقيل عبدالله، وقد ورد اسمه في الرواية (رجل من بني سواءة)[4]. وقرط أبو توبة[5].
3-    كذلك فات المؤلف ذكر بعض الرواة الذين نقلوا عن أبي إسحاق الهجري (إبراهيم بن مسلم)، أمثال: أسباط بن محمد بن عبدالرحمن بن خالد بن ميسرة القرشي الكوفي (ت 200هـ)[6]، و الحسن بن دينار[7]، و زهير بن معاوية (ت173هـ)[8]، وغيرهم ممن فات المؤلف ذكرهم[9].
4-    تمنيتُ أن يذكر المؤلف أسماء الرواة كاملة دون الكنية وأقصد بهم الذين وردوا تحت فقرة (الراوي عنهم) و (الراوون عنه).
5-    ص78 ترجمة حوشب بن عقيل الهجري: أضيف إلى أن من روى عنهم أكثر من الذين ذكرهم المؤلف، منهم: أبو الزبير الدرمكي[10]، و عطاء بن أبي رباح المكّي (27 – 114هـ)[11]، و مسلم[12] بن يسار الأموي (ت 108هـ)[13]، أما من رووا عنه فإن بعض الأسماء فاتت المؤلف ومنها: إبراهيم بن أبي داود[14]، وإياس بن دغفل البصري الحارثي (أبو دغفل)[15]، وبكير بن عبدالعزيز[16]، وغيرهم.
6-    هذا ما وددت ذكره على سبيل العُجالة، وإن كان الكتاب يستحق وقفةً أكثر من هذه الوقفة القصيرة لما يمثله من أهمية علمية وتاريخية.
7-    يبقى الكتاب مهماً والنقاط المذكورة لا تقلل من شأنه ولا من قيمته العلمية، فلولا المؤلّف لما تحرّكت الأقلام لقراءته وتقديم الفوائد من هذا وذاك، حيّ الله المؤلّف وحيّ الله بصماته في توثيق تاريخ الأحساء.





[1]المتفق والمفترق، الخطيب البغدادي، 1/222. وقد وردت روايات عن أبي الأحوص عن عبدالله، بدون ذكر من يكون عبدالله هذا، هل هو ابن مسعود أم ابن أبي أوفى، والظاهر أنه عبدالله بن أبي أوفى الأسلمي، ذلك أنه أكثر من الرواية عنه. وقد وردت تلك الروايات في: الكامل في ضعفاء الرجال، ابن عدي الجرجاني، 4/544 + 9/162 + 1/346.
[2]الإصابة في تمييز الصحابة، ابن حجر، 6/454.
[3]تاريخ جرجان، أبو القاسم الجرجاني، 321.
[4]تعجيل المنفعة، ابن حجر العسقلاني، 2/590. لعله عبيدالله بن معيّة السوائي من بني عامر بن صعصعة وقيل: عبدالله، ولد في صدر الإسلام في زمن النبي (ص) (والله العالم) تهذيب الكمال، المزي، 16/172.
[5]الثقات، ابن حبان، 9/22.
[6]تهذيب الكمال، المزي، 2/203 + 345.
[7]الكامل في ضعفاء الرجال، ابن عدي الجرجاني، 3/123.
[8]تهذيب الكمال، المزي، 2/203 + الجرح والتعديل، أبي حاتم الرازي، 2/131-132.
وقد ورد في بعض الروايات باسم (أبو معاوية) ولا أعلم إن كان هو أو شخص آخر، كما في: غاية المقصد في زوائد المسند، أبو الحسن الهيثمي، 1/216 + 1/402 وغيرها من المصادر.
[9] أشير إلى أن لدي ترجمة مفصّلة عن حال إبراهيم بن مسلم الهجري سترى النور قريباً بإذن الله تعالى.
[10] الكنى والأسماء، الدولابي، 2/527.
[11] أخبار مكة، الفاكهي، 1/291/599 + الأعلام، خير الدين الزركلي، دار العلم للملايين – بيروت، الطبعة السابعة عشر – 2007م، 4/235.
[12] الكنى والأسماء، مسلم بن الحجاج، 1/305.
[13] الأعلام، الزركلي، 7/223 [أظنه مسلم بن يسار الأموي بالولاء، باعتباره سكن البصر وحدّث بها، وكذلك يكون في طبقة من روى مترجمنا عنهم] وإلا فالرواية في المصدر المذكور – الكنى والأسماء – لا تذكر شيئاً سوى أن اسمه مسلمٌ فقط.
[14] شرح مشكل الآثار، أبو جعفر أحمد بن محمد الطحاوي (321هـ)، تحقيق: شعيب الأرنؤوط، مؤسسة الرسالة – بيروت، الطبعة الأولى – 1415هـ (1994م)، 7/412.
[15] الكنى والأسماء، الدولابي، 2/527 + التاريخ الكبير، البخاري،  + تقريب التهذيب، ابن حجر، 1/116 (من السابعة).
[16] معجم الصحابة، البغوي، 2/351/711.

وجهة نظر حول المعرض الدولي للكتاب بالرياض 2022م

  وجهة نظر حول المعرض الدولي للكتاب بالرياض 2022م   بقلم: عبدالله الرستم   يُعد موسم معرض الكتاب بالرياض من المواسم المهمة، حيث يجتمع تح...