الثلاثاء، 24 فبراير 2015

قراءة في كتاب (تعدد السبل) للشيخ الفضلي











بطاقة الكتاب:
الكتاب: تعدد السُبُل "الإسلام بين حفظ الهوية الحضارية للشعوب والتزام النظام الإسلامي"
المؤلف: الشيخ عبدالهادي الفضلي
الناشر: بيت الحكمة الثقافي – بيروت
الطبعة: الأولى – 1432هـ (2011م)
الصفحات: 50 صفحة (صغير)

عرض وتعريف: عبدالله بن علي الرستم

العرض والتعريف:
في الفصل الأول يتعرض الشيخ الفضلي كعادته في كل كتبه، يبدأ من التعريف بالمصطلح والمفاهيم ذات العلاقة بالفكرة المطروحة، فالتعريف بالمصطلح والمفاهيم القائمة على الفكرة من أساسيات كل كتاب، فهو ينطلق من تعريف (السُبُل) تعريفاً ومفهوماً قرآنياً وتعريفاً اصطلاحياً معاصراً، حيث ينبثق من هذا التعريف بعض المفاهيم، فالسُبل كاصطلاح معاصر يتفرع إلى معنيين هما: النظام والحضارة، وفي هذا الصدد لا يتوانى من تفريع المسألة حتى لا يلتبس الأمرُ على القارئ، فهو يفرّق بين الثقافة والحضارة والمدنية والنظام، حيث من خلال هذا التفريع تتفرع لديه الحضارة إلى حضارة إقليمية وأخرى عالمية، وهناك حضارة قابلة للصمود وحضارة ليس لها قابلية الصمود.

ولا يخفى على الشيخ أنه ينتقل من خلال طرح المفاهيم للمصطلح إلى طرح الشواهد التاريخية التي بدورها تقرّب الفكرة، ومن شواهد ذلك: أن الحضارة الإسلامية اكتسحت بلاد الشام في صدر الإسلام بما في ذلك صمود اللغة التي جاء بها الإسلام وهي العربية؛ لتحل محلّ اللغة الرسمية لبلاد الشام وهي السريانية التي تحولت إلى تدريس في الجامعات لئلا تندثر بدلاً من فاعليتها في أرضها التي هاجرت منها، ويقصد بذلك أن الإسلام بقوة حضارته لا يزال صامداً إلى هذا الوقت.

في الفصل الثاني يطرح شيئاً من التاريخ كمقدمة إلى مسألة تعدد السبُل، حيث تطرق إلى حلف الناتو الذي أنشئ لأجل إسقاط النظام الاشتراكي والذي يعد رأس هرمه الاتحاد السوفيتي، مما جعل النظام الرأسمالي والذي يمثله حلف الناتو إلى توجيه البوصلة إلى الحضارة الإسلامية لغرض تعميم النظام الغربي وتوحيده على مستوى العالم وإلغاء ما يضادّه من حضارات خصوصاً الحضارات التي تمتلك الشمولية العالمية والصمود والتحدي.

ثم يتطرق الشيخ إلى كتاب (الفرصة السانحة) لمؤلفه الرئيس الأسبق للولايات المتحدة الأمريكية (ريتشارد نيكسون) والذي يطرح فيه أفكاراً كثيرة منها: إذا أراد العالم الإسلامي النهوض من واقعه المتخلف أمامه ثلاثة خيارات اثنان ليسا من صالح الغربيين وواحد في صالحه، وهي:

1-    خيار الرجعية: وهو أن يقوم العرب برفع شعار القومية فيتوحدوا ضد عدو واحد.
2-     خيار الأصولية الإسلامية: وهو أن يقوم المسلمون برفع شعار الإسلام كنظام بديل عن الاشتراكية والرأسمالية اللذين لم يلبيا طموحهما.
3-     خيار التقدم: ومثال ذلك تركيا التي أخذت النظام العلماني بدلاً من الإسلام مع بقاء المسلمين فيها.

وأشار الشيخ الفضلي إلى أن مؤلف الكتاب يرى أن الصراع مع الحضارة الإسلامية وتصفيتها لأجل هيمنة القوى الغربية وحضارتها على العالم أجمع، ويتطرق إلى رأي طُرح في إحدى المجلات الأجنبية التي ناقشت العقائد الثلاث القائمة (الإسلام والمسيحية والماركسية) لتنتهي أن الإسلام يبقى نظاماً صالحاً للتطبيق والمعاصرة، ويؤكد بعدها أن الحضارة الإسلامية تشكل تهديداً للحضارة الغربية، ولذا يحاولون هدم كل حضارة تقف في وجههم لتعم العالم حضارة ذات اتجاهٍ واحد.

يُعرّج الشيخ بعدها على الإسلام الحاضن للحضارات المتعددة في ظل النظام الواحد، حيث يستشهد بآيات من القرآن الكريم وأنه يحافظ على الهويّات واللغات والانتماءات في ظل النظام الإسلامي الذي لا يلغي خصائص كل فئة وملّة، باعتبار أن النظام الإسلامي يحوي كل هذه السبُل المتعددة باستثناء الوثنية.

في الفصل الثالث والأخير يحدد الشيخ الموقف العملي من تعدد السُبُل، ويقول من خلال التاريخ أن المشركين وفلاسفة اليونان يؤمنون بالله سبحانه خالقاً، بيد أنهم لا يؤمنون بأنه مدبّراً لهذا الكون، فهم إما يجعلون له وسائطاً أو يلجأون إلى تفسيرات ماديّة.

في حين أن القرآن الكريم قال بأن التدبير هو من الله سبحانه وتعالى (.. ثم استوى على العرش يدبّر الأمر)، وبهذه الآية يضع الإسلام رؤية متقدمة حول العقيدة؛ ليضع الإنسان على الموضع الصحيح في معتقداته، فلا هو – الإسلام – الذي يهمّش ويلغي خصائص البشر كالانزواء ونحو ذلك، ولا هو الذي يذهب إلى تأليه البشر والاعتماد على الجوانب المادّية، فهو بذلك أمرٌ وسطٌ بين التأليه والتهميش، فهو الفاعل والخليفة في الأرض دون استقلالية عن الخالق.

ويختم الشيخ كلمته بقوله: (إن هذه الرؤية التي يقدمها الإسلام – نظرياً وتطبيقياً – في التعامل مع الحضارات الإنسانية، تضع الإسلام نظاماً وفكراً له القدرة على قيادة الحياة على هذه الأرض، بمرونة وصلاحية عالية، تعطي للإنسان الأمل في أن يعيش بسعادة وكرامة وهبتها له السماء، ودون منّة من نظام أو قوّة مسيطرة، كما هي الحال مع بقية الأنظمة والحضارات الأخرى).

وأكد الشيخ من خلال الأسئلة التي وجهت إليه إلى الالتفات إلى ما يحيكه الأعداء ضد النظام الإسلامي والابتعاد عن الخلافات الجانبية بين المسلمين، مع إشارته إلى الدور الفكري في تعرية الاشتراكية من جذورها، سواء كتابات غربية أو عربية أو إسلامية، مؤكداً على دور الشهيد الصدر وروح الله الخميني في مناقشة الاشتراكية وأنها نجمها سيأفل حينها وقد أفل نجم الاشتراكية.

   نُشر هذا المقال في: صحيفة الوسط (البحرينية) في 1 جمادى الآخرة 1436هـ الموافق (21 مارس 2015م) العدد رقم (4578).     

الأربعاء، 18 فبراير 2015

الحسينيات - دراسة آثارية تاريخية (عرض وتعريف)


الموضوع:
الحسينيات "دراسة آثارية تاريخية حول النشأة والتطور المعماري والتنوع الوظيفي"

الباحث: الدكتور/ إبراهيم صبحي السيد غندر "أستاذ الآثار الإسلامية المساعد بكلية الآثار – جامعة الفيوم"
المصدر: مجلة العصور "مجلة علمية نصف سنوية محكمة"
الناشر: دار المريخ للنشر – لندن
العدد: المجلد الرابع والعشرون – الجزء الأول يناير 2014م (ربيع الأول 1435هـ)
عدد الصفحات: 41 صفحة


عرض وتعريف: عبدالله بن علي الرستم

 التمهيد:
تطرّق الباحث في التمهيد إلى نشوء التشيّع وأن أتباعه سنّوا الكثير من البدع في جميع مجالات الحياة، منها التعرّض للثوابت، واقتباس ممارسات من المسيحية والمجوسية والزرادشتية القديمة، معتمداً في ذلك على كتاب (الشيعة والتشيّع) لإحسان إلهي ظهير.   
ثم تطرّق إلى سرد تاريخي حول أسباب نشوء التشيع والأقوال المختلفة في ذلك، وركّز في تمهيده على المرحلة الأخيرة من حياة الإمام الحسين (ع)، حيث تبع مقتله بداية تاريٍخ جديدٍ للنضال الشيعي على مستويات عدّة، منها موضوع الدراسة (الحسينيات "دراسة آثارية تاريخية حول النشأة والتطور المعماري والتنوع الوظيفي").

المرحلة الأولى:
تطرّق إلى أنّ البكاءَ على الحسين (ع) وردت فيه أحاديث عن رسول الله (ص) في كتب الفريقين، إلا أن الباحث يرى أن تلك الروايات قد زيد عليها، وأن النياحة والبكاء على الحسين دخل معظم الدول الإسلامية التي فُتحت في صدر الإسلام أو بعد ذلك، ويرى أن الدولة الصفوية ساهمت في ترسيخ مسألة النياحة وجعلها من أهم مظاهر التشيّع.

الفاطميّون (358 – 567هـ):
يشير الباحث إلى أن الشيعة كانوا موجودين قبل الفاطميين، وكانوا يحييون ذكرى الحسين (ع)، إلا أن ذلك كان في الخفاء، ولما جاء الفاطميّون قويت شوكتهم وأظهروا الحُزن على الحسين في الجِبال والطرقات وقصور الأُمراء بهيئات مختلفة ذكرها الباحث نقلاً عن المقريزي في خططه.
وأن هذه الطرق بقيت حتى القرن الثامن عشر الميلادي، حيث لم يكن هناك مكان مخصص للعزاء والنياحة. ويستطرد في ذلك على قول أحد المؤرخين أن بعض الأعاجم كانوا يقيمون عند المشهد الحسيني، ويجتمعون في منزل أحدهم فيظهرون الفرح يوم مولده والحُزن أيام استشهاده وهي الأيام العشرة الأولى من شهر محرّم الحرام.

 البويهيون (334هـ):
عزز البويهيّون مظاهر الحُزن أيام عاشوراء حينما حكموا العراق وأمروا الناس بإحياء هذه الذكرى بالبكاء وإنشاد الشعر والضرب على الصدر؛ بل إنّ الخليفة كان يشارك معهم ويقبل التعازي في هذه الذكرى، حيث تُعطل الأسواق والدكاكين لإحياء هذه المناسبة، ولم يذكر أن هناك مكان خاصٌ للعزاء، بل كان ذلك في الشوارع والطرقات.

 الصفويّون (906 – 1148هـ):
يرى أن الصفويين عززوا هذه الطقوس بعد أن وحّدوا جميع الأقاليم تحت دولة واحدة، فقد أحيوا هذه الممارسات في القصور والمجتمعات الخاصة وعند قبري معصومة أخت الإمام الرضا (ع) وقبر الإمام الرضا (ع)، حيث تطرق إلى سردٍ تاريخي حول نشأة قم ومشهد وتواجد الشيعة الأشاعرة في القرن الثالث الهجري وإحيائهم هذه الذكرى، بل كان من أمر الصفويين إحياء الذكرى في شهري محرّم وصفر وكل جمعة طوال العام.

المرحلة الثانية:
يرى الباحث أن مراسم النياحة والعزاء على الحسين (ع) بدأت تخرج عن المألوف بعد أن كانت تقتصر على إنشاد الشعر والبكاء في القرنين الأول والثاني الهجريين. حيث تطوّرت النياحة إلى تمثيل واقعه الطف على أرض الواقع من خلال استخدام الملابس التقليدية واستخدام السيوف والخناجر والخيول، وقد أثارت هذه الممارسات حفيظة السنة في بعض البقاع، مما يؤدي إلى قتال بين السُنّة والشيعة، علماً أن بعض السُنّة كانوا يشاركون في مثل هذه التظاهرات لإحياء ذكرى الحسين (ع)، بل يشارك في هذه الممارسات بعض أتباع الملل والديانات خصوصاً في بلاد الهند والبنغال.
واستمرت هذه الممارسات في إحياء الذكرى بلاد الغرب كأمريكا والصين وأستراليا وغيرها من البلاد التي تتواجد فيها الأقليات الشيعية، بكونها جزءاً لا يتجزأ من شعائر المذهب الشيعي الاثني عشري.



بداية ظهور الحسينيات كمنشأة معمارية:
لم تتبلور فكرة إنشاء الحسينية في الدول الشيعية المتقدمة ربما لعدم وجود الحاجة لها، في حين إنها تبلورت تقريباً في القرن الحادي عشر الهجري في إيران والهند والبنغال، وقد تطرّق الباحث إلى إنشاء بعض الحسينيات التي تلت هذا التاريخ والسير على منوالها في بلاد أخرى كالعراق ولبنان والخليج.
ويرى أنه كما جاءت الحاجة لوضع المدارس في مبانٍ خاصة، بعد أن كان التدريس في المنازل ثم التكايا ثم المساجد، جاءت الحاجة لبناء هذا النوع من البنايات لإحياء مراسيم العزاء والنياحة في مبانٍ خاصة في الطرقات وفي الحسينيات، وقد تطرّق إلى عدد الحسينيات في بعض الدول مثل: في أواخر القرن الثامن عشر بلغت الحسينيات في ولاية (أودة) الهندية نحو (2000) حسينية كبيرة و(600) حسينية صغيرة.


مسميات عديدة:
أخذت الحسينية مسمّيات مختلفة، وذلك لطبيعة الدور الذي يغلب عليها، وذكر الباحث الأسماء التي أُطلقت على هذا النوع من البنايات في تركيا وإيران والهند والبنغال، إلا أن المؤدّى واحد رغم اختلاف المسميات من منطقة لأخرى.

نماذج الدراسة:
اختار الباحث في دراسته هذه عشرة نماذج من الحسينيات، وهذه النماذج في الهند وبنجلادش وإيران فقط، مع استطراد لحسينية ابن عصفور في البحرين وبعض حسينيات العراق وحسينية في باكستان. حيث تحدث عن المُنشئ للحسينية ومحتوياتها من ثريات ومرافق وتوسعات وزخارفها ومساحاتها وتواريخ إنشائها.

التخطيطات الهندسية والتطوّر المعماري:
تختلف التخطيطات الهندسية من منطقة لأخرى، إلا أن الغالب هو فناء أوسط مكشوف تحيط به غُرف ومرافق للخدمة. ويشتكي الباحث من عدم وجود دراسات في هذا الصدد، وأشار أن هذه المنشآت تمر في تطوّرٍ كما هو حال المدارس، فقد ركّز على ثلاث حسينيات كنماذج في إيران وباكستان والهند.


الوحدات المعمارية الرئيسية:
أشار في هذه النقطة إلى ما تحتويه الحسينيات من وحدات خدمية، كالفناء والصالة ومغسلة الموتى والمقبرة والحديقة والمكتبة وغيرها، وهذه الوحدات خاضعة لأعراف البلد الذي تُنشأ فيه الحسينية.


الوحدات والعناصر الزخرفية:
أشار الباحث إلى وجود الكثير من الزخارف واللوائح في أسقف وجدران الحسينيات والتي غالباً تحتوي على آيات كريمة أو أحاديث ذات صلة بالثقافة الشيعية.

وظائف الحسينيات:
يرى الباحث أنه ليس من المعقول أن يتم إنشاء مبانٍ ضخمة ليقام فيها العزاء على الحسين (ع) في أيام محدودة من شهر محرم، بل وظيفة الحسينية أعمُّ وأشمل من الغرض الذي أنشئت لأجله، فمن وظائف الحسينيات إحياء الشعائر الدينية، وإقامة المحاضرات، ومكتبة يرتادها العلماء والباحثون تضم هذه المكتبة أهم المراجع والكتب، وبعضها تحتوي على مقبرة لخادم الحسينية وأهله، بالإضافة إلى إقامة الصلاة دون أخذها حكم المسجد؛ لأنها لم توقف أو تُنشأ لذلك.

أوقاف الحسينيات:
للوقف دور كبير في استمرارية دور الحسينيات، حيث يتم وقف بعض المزارع المُغلّة والعقارات ذات الريع الجيّد، وتقديم النذور والهدايا؛ وذلك لصرفها على متطلبات الحسينية من صيانة ورواتب موظفين وقراءة تعزية ونحو ذلك، وبدون ذلك الوقف والهدايا والنذور لا تقوم الحسينية بدورها. وذكر الباحث أن حسينية (الآصفية) في (لكنو) بالهند بها (30) موظفاً وكل موظف له دور يقوم به.

المؤثرات الفنية على عمارة الحسينية:
لكل عمارة إسلامية آثار مستوحاة من البيئة التي تعيشها، ورغم إنشاء الحسينيات في عصور متأخرة إلا أن بعضها له طابع مختلف باختلاف موقعها كأن تتأثر حسينية في عمارتها وزخرفتها بالطابع الصفوي أو القاجاري في إيران، أو المغولي في الهند، وهو ما يكون واضحاً في طريقة البناء والزخرفة خصوصاً الحسينيات التي تحمل تاريخاً قديماً.
وربما تأثرت بعض الحسينيات في أشكالها الفنّية بتأثيرات إقليمية كتداخل بعض الثقافات بين بلدين متجاورين أو استيراد ما هو مناسب لطراز هذه الحسينيات كأثر الزخرفة الأوروبية في بعض الحسينيات.
وقد ختم الباحث بحثه بوضع عشرين صورة لحسينيات مختلفة أقدمها يعود لحسينية في الهند عام (1805م) وهي عبارة عن لوحة لفنان مجهول تشير الصورة إلى موكب عزاء.

وجهة نظر حول المعرض الدولي للكتاب بالرياض 2022م

  وجهة نظر حول المعرض الدولي للكتاب بالرياض 2022م   بقلم: عبدالله الرستم   يُعد موسم معرض الكتاب بالرياض من المواسم المهمة، حيث يجتمع تح...