السبت، 25 مايو 2019

العقير وأدواره التاريخية - تعريف وملاحظات



اسم الكتاب:
العقير وأدواره التاريخية والتجارية والسياحية
المؤلف: د. سعد بن عبدالرحمن الناجم + أ. خالد بن أحمد الفريدة.
 دار النشر: الغرفة التجارية الصناعية بالأحساء.
الطبعة: الأولى - 2007م
عدد الصفحات: 109
بقلم: عبدالله بن علي الرستم

العرض والتعريف:
يمثل هذا الكتاب حلقة من الحلقات المفقودة في تاريخ الأحساء السياسي والاجتماعي والعسكري، حيث إنّ هناك من كَتَبَ عن العقير إلاّ أنّها قليلة مقارنة بشهرة العقير ومكانته في التاريخ، فهذه الدراسة تعتبر رائعة من حيث وفرة المعلومات، وصياغتها بصيغة سلسلة، وأسلوب جيّد، فقد ركز الباحثان على نقطتين رئيسيتين وأشبعوهما بحثاً، وهما:
-  الدور التاريخي.
-  الدور التجاري.
وهذان مرتبطان ارتباطاً وثيقاً بالعامل السياسي لمنطقة الأحساء وشبه الجزيرة العربية، حيث حاول مؤلِّفَا الكتاب أن يُلمَّا بالأحداث التي جَرَتْ في ميناء العقير مع التطرُّق إلى بعض الأسباب لحدوثها، موضحين أهمية ميناء العقير التاريخية والتجارية، معتمدين على المصادر التي تحدثت عن العقير من قريب أو بعيد.
أما الدور السياحي فقط أعطي مساحة صغيرة، ذلك أنّ الجانب السياحي لم يلتفت إليه إلاّ في السنيّ الأخيرة، رغم وجود طريق مؤدٍّ له.
ختاماً: مهما كان الكتاب يحمل بعض الملاحظات إلاّ أنّه يعتبر جهداً يُشكر مؤلِّفاه على إخراجه.

الملاحظات
1. ص15: حبذا لو تم ترتيب المهام المذكورة على شكل نقاط، كالتالي: تدقيق الأوراق الرسمية للبضائع. استيفاء الرسوم الحقوقية ... الخ.، وكذا في الهامش، حيث تم ذكر المصدر ولم تذكر الصفحة.
2. ص16: قال المؤلفان: (... لتسهيل رسو السفن وليعمل كمصد يخفف من التطامها)، ويبدو أن المؤلفان لم يتحققا من استخدام مصطلح (التطامها)، والصحيح (ارتطامها)، ذلك أنّ الارتطام يعني المزاحمة والتراكم (راجع اللسان مادة: رطم)، أما (التطامها) فليس لها معنى في سياق هذه الجملة، وأظنه خطأ مطبعي.
3. ص13-21: في هذه الصفحات جاء وصفٌ لميناء العقير وما يحويه من الجمارك والجوازات والفرضة ومبنى الخان والأمارة والحصن والمسجد وعين الماء وبرج بوزهمول، وكان من المفترض التطرق إليها بالتفصيل قدر الإمكان، وذلك من حيث: تاريخ الإنشاء مثل تاريخ إنشاء الجمارك والجوازات والفرضة ... الخ.
سبب التسمية مثل (الفرضة - برج بوزهمول)
-  حينما ذُكر أنّ الذي أنشأ المسجد هو محمد بن عبدالوهاب الفيحاني، لم يورد المؤلفان ترجمةً مبسطة لهذا الرجل من حيث تاريخ وفاته على الأقل.
-  لم يتم ذكر المصادر التي اعتمدا عليها كالتواريخ التي تم ذكرها في إنشاء المسجد وإنشاء برج بوزهمول، والفيحاني الذي بنى المسجد ... الخ.
4. بالنسبة للاستشهادات التي استشهد بها المؤلفان كثيرة، إلاّ أنّه لم يتم ذكر اسم المصدر تارة، ورقم الصفحة تارة أخرى، وعلى سبيل المثال:
-  في (ص24): طريق البحرين - عمان، قال المؤلفان:
(أشار إلى ابن خرداذبة إلى هذا الطريق .... الخ).
أقول: أين ذَكَرَ ابن خرداذبة وصف هذا الطريق؟!!
- كذلك في (ص25) حول ذكر كلام أبي الفداء، لم يذكر المؤلفان المصدر الذي اعتمداه أثناء سياقهما الحديث.
- كذلك في (ص35) في موضوع التجارة مع إفريقيا لم يذكر المؤلفان مصادر المعلومات التي استقياها، وربما أحيلهما على بحث نشرته مجلة العرب (ج3، 4 س30 رمضان، شوال سنة 1415هـ) وهو بنظري بحثٌ قيِّم.
- كذلك في (ص59-60): قال المؤلفان: (فقد ورد في إحصائية ذكرها لوريمر أن معدل قوافل ... الخ)
- كذلك في (ص60): وقد حاول العثمانيون في فترة مبكرة ... الخ.
- كذلك في (ص29): تحدث المؤلفان عن تجارة العقير مع الجزيرة العربية، وأن أهل الأحساء والقطيف يقايضون التمر مع أهل الخرج بالحنطة، وذكرا رواية بأنّ رسول الله صلى الله عليه وآله، ساوم مخرمة العبدي وسويد بن قيس على سراويل نُسِجَت في هَجَر ... الخ.
أقول: يا ترى أين مصدر هذه الرواية التاريخية والرواية الحديثية مع تسليمنا بصحة ما ورد، وكذا الصفحة التي تليها (30) حول تجارة العقير مع بلاد العراق وبلاد الشام، لم يتطرّق المؤلفان إلى ذكر المصادر التي استقيا منها المعلومات.
5. 54: يقول المؤلفان حول تسمية الأحساء: (... والتي عرفت منذ القدم بأحساء بني سعد أو أحساء تميم متبعاً أسلوب البرتقاليون الذين أطلقوا اسم البحرين على جزيرة أوال).
أقول: قضية اتباع القرامطة في التسمية أسلوب البرتغاليين، ربما خطأ تاريخي، حيث إنّ البرتغاليين زاروا البحرين أول مرة عام 921هـ - 1515م.
راجع: النفوذ البرتغالي في الخليج العربي في القرن العاشر الهجري (السادس عشر الميلادي) ل (نوال حمزة الصيرفي - 1403هـ - مطبوعات دارة الملك عبدالعزيز ص129) فهناك فرقٌ كبير بين الوجود القرمطي (316هـ) وبين النفوذ البرتغالي 921هـ، ثم إن القرينة توضع لتاريخ قديم لحادثة معاصرة، وليس العكس!!
أما حول الجملة (متبعاً أسلوب البرتقاليون) فصياغة الجملة يجب أن تكون على هذا النحو: (متبعاً أسلوب البرتغاليين) لأنها مضاف إليه، وتكتب بالغين بدلاً من القاف.
6. ص74: حول معاهدة العقير، هناك معاهدة أخرى لتوطيد الحدود بين نجد والكويت، لم يتم ذكرها، والتي ذكرها الزركلي في كتابه الأعلام ج5-66.
7. ص89: في هذا الفصل تم وضع عنوان يحمل (حديث الصور) وهو فصلٌ مهمٌ إلا أنّه يفتقد الجانب التعريفي بكل صورة وموقعها من منطقة العقير أو الأحساء.
8. مع روعة هذا الكتاب والاهتمام بإخراجه في حلّة أنيقة، فإنّ بعض الجوانب لم تُعطَ الاهتمام، وتمنيتُ لو أن المؤلِّفَين كتبا عنها أو سلَّطا الضوء عليها، ومنها:
- العقير في الشعر العربي، ذلك أنّ الجانب الأدبي مهم في مثل هذه الأحوال، وتوضيح مدى أهمية العقير قديماً.
ويحضرني بيت من الشعر وهو ما قاله أبوطالب عمّ النبي صلى الله عليه وآله في ديوانه:
وَيَنصُرُهُ اللَهُ الَّذي هُوَ رَبُّهُ = بِأَهلِ العُقَيرِ أَو بِسُكّانِ يَثرِبِ
-  العقير في الكتب الجغرافية والتاريخية، ذلك أنّ هذا الاسم تعدّد لأكثر من موضع، ومنها ما ذكره الزبيدي صاحب كتاب (تاج العروس):
والعُقَيْرُ كزُبَيرٍ: بلد بهَجَرَ عَلَى شاطِئِ البَحْرِ.
والعُقَيْرُ: نَخْلٌ لِبَنِي ذُهْل بنِ شَيْبَانَ باليمَامَةِ.
والعُقَيْرُ: نَخْلٌ لِبَنِي عامِر بنِ صَعْصَعَةَ بِهَا أَيضاً.
وغيرها كثير .. ووضع أمثال هذه الشواهد التاريخية، لتوضيح أنّ اسم العقير تردّد على أكثر من موضع، وحتى لا يقع القارئ في شبهة تاريخية، بين هذا الموضع وغيره من المواضع التي تشبهه بالاسم.
9. أحب الإشارة إلى أنّ الكتاب مع صغر حجمه، كان من المفترض أن يخلو من الأخطاء المطبعية، أو أن تكون قليلة جداً، ولذا فالقارئ النبه سيكون ملتفتاً إليها، ولن تغيب عن ذهنه.
10. هناك دراسات لم يتسنَّ لي الحصول عليها .. فلربما تسنّى لكم الحصول عليها لاستقاء الفائدة منها، وهي:
-  أهمية شبكات الطرق في التنمية السياحية لشاطئ العقير بالمنطقة الشرقية، نجاح بنت مقبل القرعاوي.
-  تقرير أعمال التنقيب بمنطقة الأحساء - العقير شمال غرب أبو زهمول، د. علي بن صالح المغنم، مجلة أطلال، عدد 15، 1420هـ.
-  دراسة بيئية لبعض المجتمعات البنائية على امتداد طريق الهفوف - العقير - المنطقة الشرقية - المملكة العربية السعودية، عبدالمنعم عبدالله إبراهيم الحمام.


نُشر المقال في صحيفة الجزيرة العدد رقم (12673) بتاريخ 24 جمادى الأولى 1428هـ، الموافق (10 يونيو 2007م(

http://www.al-jazirah.com/2007/20070610/wo3.htm

الخميس، 9 مايو 2019

وقعة الحرة - الشيخ فاضل الزاكي


اسم الكتاب: وقعة الحرّة
المؤلف: الشيخ فاضل بن عبدالجليل الزاكي
دار النشر: مؤسسة دائرة معارف الفقه الإسلامي قم + دار الغدير بيروت
تاريخ الطباعة: الطبعة الأولى 1430هـ (2009م)
عدد الصفحات: 539 صفحة

عرض وتعريف: عبدالله بن علي الرستم

التعريف:
ما أحوجنا إلى البحوث الشمولية حول الحدث الواحد خصوصاً إذا كان له صلةٌ بتاريخ الأمة الإسلامية؛ لما في ذلك من أهمية بالغة حول التعرّف على ما يتعلق بالإسلام وأحكامه وأحداثه. ومن تلك الأحداث (وقعة الحرّة) التي حدثت عام 63هـ في المدينة المنوّرة على نازلها آلاف التحية والسلام.
فقد تجشّم الشيخ الزاكي عناء البحث في توثيق الأحداث واستخلاص الفوائد من مصادر شتّى ذات صلة بالموضوع، فكانت إطلالته الأوليّة منصبّة على أسماء المدينة المنورة مع تعريفٍ موجز بها وتوثيق شيء من تاريخها قبل الإسلام مع التعرّض للتعريف بأماكنها المقدّسة وما ورد في فضلها من مصادر المسلمين.

بعد ذلك بدأ بذكر ما يتعلق بصلب البحث عبر ذكره تسلسلاً للأحداث قبل وقعة الحرّة بدءاً مما جرى بعد رحيل الرسول صلى الله عليه وآله وسلّم مروراً بتاريخ الإمام الحسن عليه السلام وأثناء تولّي معاوية زمام الأمور إلى استشهاد الحسين عليه السلام مع توضيحٍ لموقف أهل المدينة من الثورة الحسينية. جاء الفصل الذي يليه على مجريات الأحداث من توجّه وفدٍ من أبناء الصحابة وسكّان المدينة للتأكد مما سمعوه عن يزيد وتجاوزاته، والذي قوبل بحفاوة من الخليفة الشاب مع إجزالٍ في العطاء لهم من قِبَل يزيد لذلك الوفد؛ ليصلَ الوفدُ المدينة ويقرروا خلع يزيد وطرد واليه وبني أميّة من المدينة استعداداً للثورة ضد الحكم الأموي، وقد ذكر المؤلف تفاصيل ذلك بدءاً من وصول جيش الشام الذي يقوده مسلم بن عقبة المرّي أطراف المدينة والتقائه ببني أميّة المطرودين منها، وما جرى بعدها من معركة دامية قُتل فيها جمعٌ كبيرٌ من أهالي المدينة وذلك لخيانة بني حارثة من فتح الطريق للجيش الشامي ويأتوا المسلمين من خلفهم؛ لتبدأ بعدها في اليوم التالي حالة مشينة من استباحة المدينة وهتك أعراض النساء وقتل الأطفال وما استتبعها من سلبٍ ونهبٍ واعتداءٍ على بعض صحابة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كسعيد بن جُبير وجابر بن عبدالله الأنصاري وهتك حرمة المسجد النبوي واستعراضٍ للأسرى وقتل كل من لم يُبايع.


ولم يخفَ على المؤلّف أن يتطرق إلى بعض الدراسات والتحليلات حول ما جرى في وقعة الحرّة من ذكرٍ لجرائم يزيد وأن ذلك له جذوره في بيئته التي عاش فيها وأنه نسخة أخرى لسَلَفِه، وفي ذات الوقت تطرق إلى محاولات بعض المؤرخين في تبرير ذلك بالاعتماد على روايات ضعيفة مثل: رواية غزو القسطنطينية ورواية خير القرون قرني وغيرها - لا تتناسب وما قام به من جرائم بحق المسلمين من قتل الإمام الحسين عليه السلام وترويع سكّان المدينة واستباحتها، ذلك أن بعض المشايعين لبني أمية حاولوا تبرير ذلك وأن تلك الأحداث ليست لها صلة بيزيد وأنها جَرَتْ بدون علمه.

ويسترسل المؤلف في تحليل ما جرى في (وقعة الحرّة) من أسباب النقمة على يزيد والأمويين من أسباب خاصّة وعامّة بأهل المدينة وقبائلها، مع التعرّض لذكر تفاصيل أسباب الهزيمة من عفوية التحرّك وتعدد القيادات والأهواء والفَرْق بين عدد الجيشين وانعدام التنسيق مع الأمصار الأخرى ووجود المثبّطين وخيانة بني حارثة، وأن ما جرى له صلةٌ بما جرى في صدر الإسلام ثأراً لقتلى بدر وما جرى على عثمان بن عفّان.

ولا يفوتُ المؤلف أن يذكر أسماء من صنّف في وقعة الحرّة من المتقدّمين وذكر تاريخها وسبب تسميتها، وكذلك موقف الإمام زين العابدين عليه السلام، وما قيل من شعرٍ بحق هذه الوقعة الدامية؛ لتكون الخاتمة جرد أسماء القتلى وانتماءاتهم القبليّة واختلاف المؤرخين في ذكر العدد بين المبالغة والتقليل. أما ملاحق الكتاب فكانت حول ذكر أقوال الفقهاء حول حدود الحرم المدني وأحكامه والاختلافات بينه والحرم المكي من تحريم الصيد وقطع الشجر ونحو ذلك بناءً على روايات ذكرها ونظر في إسناداتها.
كانت هذه الدراسة بحسب الاستطلاع من أوسع الدراسات حول وقعة الحرّة موثقة بالمصادر ومستوعبة الأحداث بكل تفاصيلها، ولا غنى للاطلاع على دراسات تحليليّة أخرى بمعيّة هذه الدراسة الشاملة التي حاولت توثيق كل ما يتعلق بهذه الواقعة.

وجهة نظر حول المعرض الدولي للكتاب بالرياض 2022م

  وجهة نظر حول المعرض الدولي للكتاب بالرياض 2022م   بقلم: عبدالله الرستم   يُعد موسم معرض الكتاب بالرياض من المواسم المهمة، حيث يجتمع تح...