الأحد، 18 ديسمبر 2016

اليوم العالمي للغة العربية

اليوم العالمي للغة العربية

بقلم: عبدالله بن علي الرستم
يُطلُّ علينا في هذا اليوم الموافق الثامن عشر من شهر ديسمبر (اليوم العالمي للغة العربية)، وفي تصوّري كعربيٍّ أن اللغة العربية حاضرةٌ بشكلٍ يوميٍّ في حياتنا، فهي كلغة عملية وعلمية ينبغي أن نستحضرها في ثقافتنا بشكلٍ كبير؛ ذلك أنها الوسيلة الوحيدة التي من خلالها نوصل رسائلنا الصوتية والكتابية لأي شخصٍ نتعامل معه في جميع جوانب الحياة، فليس من اللائق أن تكون اللغة العربية رهينة الخطابات الرسميّة والكتب الدراسيّة فحسب؛ بل علينا أن نطوّرها بالشكل الذي من خلاله نوصل ما نريده بشكل واضحٍ لأي فرد نتعامل معه وذلك عبر القراءة والتبحّر ومعرفة بعض غوامضها.

وقد بذل علماء الأُمّة العربية والإسلاميّة جهوداً كثيرةً ومختلفة للحفاظ على هذه اللغة، فقد صنّف أولئك الأعلام في جميع فنون العربية بُغية الحفاظ عليها من الاندثار؛ لأنها من اللغات الحيّة والمرنةِ على مستوى العالم، وتلك المصنّفات لا زالت تستحثُّ الخُطى وتنتظر من يستلهم منها الدروس الكثيرة في جميع المعارف اللغوية من نحوٍ وصرفٍ وبلاغةٍ وعَروضٍ، ويقول في هذا الصدد الدكتور أحمد الضبيب[1]: وقد أدّت الفصحى وظيفتها على أحسنِ وجهٍ فكانت ظاهرة فذّة بين اللغات في قدرتها على الاستمرار واحتفاظ الناس بها، وفهمهم لها في مختلف البيئات والعصور، وما ذلك إلا لأنها ارتبطت بالقرآن الكريم فخَلُدَت بخلوده ولولاه لانحلّت عُراها وذابت في لهجاتها المحلّيّة، كما حدث للغاتٍ أُخرى مماثلة. ولم يقتصر الأمرُ في ذلك على الاهتمام الشكلي كالمواظبة على التحدّثِ بها، بل ساهم علماءُ الأمّةِ بتنويع مصنّفاتهم في ذلك كوضع معاجم للألفاظ ومعاجم بأسماء أعلام اللغة على مرِّ العصور، مما جعل "المنجزات اللغوية العربية الشامخة ببنائها ثمرةَ جهودِ أجيالٍ من اللغويين العِظام الذين نفخرُ بهم ونحسُّ الضآلة أمام صنيعهم الذي نحنُ عالةٌ عليه،  ولكن الواجب يدعونا لمواصلة جهودهم وأن نسير على خُطاهم ونسلُكَ سلوكهم"[2].

وقد كان لبلادِنا دورٌ كبيرٌ في رعاية هذه اللغة وعلومها، تمثّلت في تخصيص مقاعد للدراسات الجامعية بمراحلها الثلاث (البكالوريوس والماجستير والدكتوراه)، وقد تمخّض عن تلك المقاعد الدراسية تخريجُ مجموعاتٍ كبيرةٍ من أبناء الوطن في هذا المجال، وقد ساهم أولئك الخرّيجونَ في تعليم اللغة وفق مناهج وُضعت لتعليم الطُّلّابِ هذه المادة المهمّة، بل إن بعضهم واصل دراساته ليحصل على شهاداتٍ عليا، ولم تكتفِ حكومتنا في ذلك، بل أنشأت كراسي للغة العربية في بعض الجامعات، وإنشاء مركزٍ متخصصٍ للغة العربية وهو مركز الملك عبدالله بن عبدالعزيز الدولي لخدمة اللغة العربية، ناهيكَ عن دور المؤسسات البحثية التي حفظت وحققت وطبعت لنا المخطوطات ذات الصلة بهذه اللغة العريقة .. هذا على سبيل إنجازات العلماء بشكل موجزٍ.

أما فيما يتعلّق بوضعنا الراهن، ففي حقيقة الأمر أنه ومنذ دخول بعض الأجهزة الحديثة، بات كثير من الناس يدمج في حديثه بين اللغة العربية ولغة غير عربية، مما ساهم في تشكيل ابتعادٍ ملحوظٍ في لغة التواصل مع الشريحة التي نعيش معها، وألاحظُ ذلك حيال تعسّر بعض الأشخاص ممن أتعامل معهم في إيصال رسالته أو ما يود قوله وإيضاحه، وهو ما يجعله يركنُ إلى لغةٍ غير عربيةٍ أو كلمةٍ دارجةٍ إذا ما أراد إيصال ما يود قوله، ولا أعلم هل المشكلة في المتحدث أم المتلقي أم الطرفين معاً في بعض الأحيان؛ وذلك لغياب التواصل المباشر وغياب ثقافة المسؤولية تجاه لغتنا الأم التي تُعد هويّتنا وأداة مهمّة من أدوات التواصل في طريقة تواصلنا، حيث يقول في هذا الشأن الدكتور مصطفى جواد[3]: "ومن أشد الرزايا التي نزلت بالعربية أن (بعض الأساتذة) لم يتعلّموا من قواعدها ما يصونُ أقلامهم وألسنتهم من الغلط الفاحش واللحن الفظيع".
      



[1]  دراسات في لهجات شرقي الجزيرة العربية، ت. م. جونستون، ترجمه وقدّم له وعلّق عليه الدكتور/ أحمد بن محمد الضبيب، الدار العربية للموسوعات – بيروت، الطبعة الثانية – 1983م، ص5.
[2]  مسائل لغوية، أبو أوس إبراهيم الشمسان، الطبعة  الأولى – 1436هـ، ص9-10 (د. ن).
[3]  قل ولا تقل، د. مصطفى جواد، الدار العربية للموسوعات – بيروت، الطبعة  الأولى – 1430هـ، ص7. [بتصرّف].

وجهة نظر حول المعرض الدولي للكتاب بالرياض 2022م

  وجهة نظر حول المعرض الدولي للكتاب بالرياض 2022م   بقلم: عبدالله الرستم   يُعد موسم معرض الكتاب بالرياض من المواسم المهمة، حيث يجتمع تح...