الأربعاء، 14 ديسمبر 2011

الشعائر الحسينية .. قراءة ثقافية

الشعائر الحسينية
قراءة ثقافية

قد يستغرب البعض من الطرح الذي سأقوم به، إلا أني أريد بذلك رسالة أوجهها إلى كل من يسمح لنفسه الإساءة إلى طقوس الآخرين، سواءً كانت عبادية أو غير عبادية، ولعل الشعائر الحسينية هي محط النظر في معالجتنا الثقافية هذه، ومنها: الضرب على الصدور والرؤوس بالأكف، أو البكاء، أو استعمال السلاسل، أو إخراج الدم من ناصية الرأس أو غير ذلك من الممارسات التي يمارسها الشيعة الإمامية أيام عاشوراء على مستوى العالم، والتي تنطوي تحت عنوان (الشعائر الحسينية).

ولست في هذه السطور ممن يعالج الحكم والموضوع الشرعي المتعلق بتلك الممارسات!! بل أريد معالجة هذه المسألة من ناحية ثقافية، وذلك على النحو التالي:
هناك الكثير من الممارسات التي تمارسها بعض الأقوام والجماعات البشرية على مستوى العالم، منها ما هو عبادي ومنها ما هو غير ذلك، وهناك من يوثّق لهذه الممارسات بالصور والأفلام الوثائقية؛ لأنها تقود الباحث إلى التعرف على طرق مختلفة يمارسها بني البشر في تحقيق الراحة النفسية، سواءً كان لتلك الممارسة أعراض جانبية أو ليس لها، فهناك من يمشي على الجمر، وهناك من يدور حول نفسه عشرات المرات على رجلٍ واحدة، وهناك من يسجدُ لبعض الحيوانات، وهناك التقديس لبعض ما يُسمّون أولياء وصالحين، وهناك من يقدّس أشياء غير متعارف عليها، وهناك الكثير من الممارسات المختلفة، كلّها بحجة أنها عبادة، أو عادة اجتماعية أو غير ذلك.

في المحصلة النهائية التي يُفترض من كل إنسان، أن يتعامل مع تلك الموروثات أو الممارسات العبادية على أنّها ثقافة طائفة، أو ديانة، أو قبيلة أو غير ذلك، يجب احترامها ولو كانت تخالف الذوق العام، فليس لأي إنسان انتهاك مقدّسات الآخرين مهما كانت غايته. نعم!! هناك طرق مختلفة ومنها: الممارسة العقلية في معالجة تلك عن الأقوام الذين أُرسلوا إليهم، فلم يكونوا يهزؤون وينتقصون من الطرق العبادية عند أولئك البشر!! بل كانوا يعالجونها بالطريقة العقلية، ويخاطبون الآخرين عن طريق تحريك الفطرة البشرية في ذواتهم، فليس كل ما خالف الذوق الذاتي دليلٌ على أنّه خطأ!! بل يجب على كل إنسان أن يخاطب نفسه فيما لو رأى منظراً لا تستأنس به نفسه.

ويبدو أن قصة نبي الله إبراهيم عليه السلام ليست ببعيدة عما نحنُ بصدده، فقد كسّر الأصنام التي عكف عليها قومه لعبادتها، وحينما سألوه عن الفاعل، قال: (بل فعله كبيرهم) فهنا نبي الله إبراهيم لم يكن كاذباً، بل أراد أن يحرّك فيهم الذات الشاعرة والمفكّرة حول ما يمارسونه من طقوس عبادية.

وندائي للمثقفين من أبناء المذاهب الإسلامية، وهو: عليهم أن لا يتهجّموا على ممارسات الشيعة الإمامية في قيامهم بطقوسهم المختلفة والمسماة (شعائر حسينية)، بل أطالبهم أن يقرؤوا ويتحاوروا مع المختصين في هذا الشأن من أبناء الإمامية، فإما أن يقتنعوا وإما أن يكفّوا ألسنتهم عن تلك الممارسات، وإما أن يقوموا بتوثيق تلك الممارسات على أنّها طقوس دينية، أو اجتماعية، أو عادات متوارثة أو وضعها تحت أي عنوان، المهم هو: احترام طقوس الآخرين سواءً كانوا مسلمين أو غير مسلمين.

هناك 3 تعليقات:

  1. عزيزي
    أما الاحترام فهو حق بشري ، يجدر احترام الانسان مهما كانت معتقداته و افكاره ، و اعطاءه المكانة التي يستحقها بصرف النظر عن معتقده أو ثقافته ، و لكن هذا لا يمنعنا من نقد تلك الثقافة المعوجة أو التصرفات الخاطئة و تسميتها باسمها.
    نحترم دكتور يسجد لبقرة و لكن لا نحترم تصرفه ، و سنقول له تصرفك خطأ .

    ردحذف
  2. السلام عليكم و رحمه الله
    استاذ عبد الله هل من طريقه للتواصل معك ؟

    ردحذف
  3. عبدالله الرستم19 ديسمبر 2011 في 7:48 ص

    أشكر الأخ عقيل على ما أبداه من وجهة نظر تصب في الصميم، أما المثال الذي تم ضربه فهو مثال جيد، وصحيح أن ما يقوم به أولئك الذين يسجدون للحيوانات وهم يمثلون قمة من قمم العلم هو تصرف خاطئ، لكن!! ليس لنا الحق في التهجم عليهم، بل المطلوب منا هو توظيف النقد العلمي الذي يتناسب مع المقام العلمي الذي هو فيه، بعيداً عن التجريح.

    أما الأخ الذي يحب التواصل فأهلاً بك عزيزي
    لكنك لم تذكر اسمك حتى يتسنى لنا التعرف عليك، ومع ذلك فهذا عنواني:
    abar1397@hotmail.com

    ردحذف

وجهة نظر حول المعرض الدولي للكتاب بالرياض 2022م

  وجهة نظر حول المعرض الدولي للكتاب بالرياض 2022م   بقلم: عبدالله الرستم   يُعد موسم معرض الكتاب بالرياض من المواسم المهمة، حيث يجتمع تح...