الخميس، 1 ديسمبر 2011

اختلاف الآراء في واقعة عاشوراء

اختلاف الآراء
في واقعة عاشوراء
بقلم: عبدالله بن علي الرستم 

لا شك أن واقعة كواقعة الطف الأليمة أخذت مساحة كبيرة من سطور التاريخ العربي والإسلامي، من حيث التدوين والتحليل، باعتبارها مرتبطة بشخصية مقدسة هي شخصية الإمام الحسين بن علي بن أبي طالب عليه السلام، والذي خاض مواجهة مع الباطل في حين أنه يمثل الحق بجميع جوانبه.
ولذا لو راجعنا إلى مصنّفات المسلمين لما وجدنا شخصية وواقعة نالت اهتمام المسلمين كشخصية الإمام الحسين عليه السلام، حيث صُنّفت فيها المصنّفات الكثيرة، والموسوعات المختلفة والمتنوعة، وما زالت الأقلام تكتب عن هذه الواقعة بجميع أبعادها التاريخية والأدبية والتحليلية والنقدية وغير ذلك.

من خلال كثرة المصنّفات التي كتبت بحق هذه الواقعة وتوافرها على أرفف المكتبات والشبكة العنكبوتية، ترتفع الأصوات من هنا وهناك مطالبة بتحقيق هذه الواقعة بجميع جوانبها، حيث دخل في تاريخ هذه الواقعة وحيثياتها اللبس الكبير والزيادات الكثيرة، وهذا يعرفه من له اطّلاع على هذه الواقعة وشخصياتها البطولية، وهذا اللبس والزيادة هو بحقٍ موجود، فبعضه يستحق المناقشة كالقضايا التي لها دلالاتها الروحية والبطولية، وبعضه الآخر لا يستحق المناقشة باعتبار أنه دخل في أجواء الخيال المادي والمجازي كالشعر والقصة ونحوهما.

ولذا فإن المطالبة في تحقيق هذه الواقعةِ مطالبةٌ مشروعةٌ على نحو التفكير، ولا يصحُّ إلغاء هذه الآراء أو تكميم أفواهها، إلا أن المطلب الآخر والموجّه إلى تلك الأصوات هو: عليها أن تقرأ ما خطه العلماء الأعلام حول هذه الواقعة من تدوين وتحليل، فهناك الكثير من الكتب التي تناولت هذه القضية على نحو التحليل بطرق مبتكرة، ولا يسعنا التركيز على دراسةٍ أو الإشارة إلى واحدة دون أخرى، باعتبار أن تلك الدراسات لاشك من احتوائها على شيءٍ من التقصير أو النقص، فأصحاب تلك الأقلام لا يمتلكون العصمة حتى ننزّه أقلامهم!! بل هي جهدٌ يجب علينا احترامه وتقديره؛ لأن كثيراً من تلك الدراسات أصاب كبد الحقيقة. وما على صاحب البحث والتحقيق إلا أن يكرّس جهده ليجد ضالته في تلك الدراسات القيّمة والتي كُتبت بعدة توجهات تتواكب مع معطيات واقعة الطف التي ما زالت تعطي الكثير إلى يومنا هذا، ولولا أن واقعة الطف تم تنفيذها بخطى دقيقة لما سُجّل لها الخلود، وحريٌ بمن يريد الصعود إلى قمّة المجد أن ينهل من هذه الواقعة والقراءة عنها؛ ليتسنّى له فهم دلالات الواقعة وحيثياتها.

ثم إن الاختلاف في تحليل أمرٍ معيّن لا يعني إلغاء الحدث بعينه!! بل ربّما كان لذلك الحدث عدة دلالات، وهذا طبيعي في توجيه بعض الأحداث إلى عدة توجهات، خصوصاً إذا كان التنفيذ بيد قائدٍ ربّاني رساليٍّ كالإمام الحسين عليه السلام، وحريٌ بمن يقرأ هذه الواقعة والدراسات التي كتبت عنها أن يدرس حياة القائد قبل الولوج في تحليل أي حَدَثٍ من أحداث الواقعة؛ لأنه بدون الاعتماد على قواعد جليلة ومتينة في قراءة سيرة القائد لا نستطيع الوثوق بالنتائج التي قد تكون سلبية، لذا يجب التركيز على بعض المبادئ المرتبطة بسيرة الإمام الحسين عليه السلام والاستفادة منها قدر الاستطاعة.


هناك تعليقان (2):

  1. حقيقة ما جرى في واقعة كربلاء و التباس مجرياتها و اختلاط بعض ما جرى بالزيادة و التحريف خصوصا من طبقة من الخطباء الذين همهم الدمعة قبل الفكرة جعل العودة للكتاب لقراءة حقائق الواقعة أمر لا بد منه ،، و الاكتفاء بما نسمع من المنبر لا يكفي .
    بالقراءة كما اشرت لا تكفي و البحث و التحقيق مطلوب لاعادة اكتشاف كربلاء من جديد ..
    شكرا لك ابا احمد

    ردحذف
  2. عبدالله بن علي الرستم4 ديسمبر 2011 في 6:48 ص

    أشكرك أخي أبو علاء على قراءة المقال
    يضاف في هذا الصدد أن المسألة ليست مختصة بقراءة الكتب التحليلية فحسب، بل لابد من الرجوع إلى بعض الكتب التي حرفت النصوص التاريخيه عن مسارها، وهذا نراه جلياً في كيفية التعاطي والتركيز على نص العزاء دون نص التاريخ الذي يكشف لنا الكثير من الحقائق.

    تحياتي مجدداً.

    ردحذف

وجهة نظر حول المعرض الدولي للكتاب بالرياض 2022م

  وجهة نظر حول المعرض الدولي للكتاب بالرياض 2022م   بقلم: عبدالله الرستم   يُعد موسم معرض الكتاب بالرياض من المواسم المهمة، حيث يجتمع تح...