الأربعاء، 31 أكتوبر 2018

موكب الأحزان - الشيخ/ جعفر المهاجر


الكتاب: موكب الأحزان (سبايا كربلاء) خريطة الطريق.
المؤلف: الشيخ الدكتور/ جعفر المهاجر
الناشر: دار بهاء الدين العاملي
التاريخ: الطبعة الأولى – 2011م
عدد الصفحات: 80 صفحة

التعريف بقلم: عبدالله بن علي الرستم

عرض وتعريف:
من يقرأ كتابات الشيخ الدكتور/ جعفر المهاجر يُدرك أنه يقرأ لباحث يحملُ مسؤولية الكلمة وإن اختلفتَ معه، فقلّما تجدُ باحثاً ينطلق من قراءات مكثّفة ليُنتج لنا في كتاباته الكثير من التساؤلات التي تدعو إلى البحث في العمق التاريخي بوجود أدوات مهمّة لكل حدثٍ.
وهذا الكتاب ذي الحجم الصغير، فيه تساؤلات مهمّة، وأحداث أكثر أهمية بحاجة إلى قلمٍ يرصد الأحداث عن كثب ويحفر في العمق التاريخي ليقدّم مادة مهمة من مواد التاريخ الشيعي. فهذا الكتاب يرصد خريطة الطريق لموكب الأحزان الذي أُثكل برجالاته في كربلاء دفاعاً عن القيم والمبادئ الإسلاميّة بقيادة سبط رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم الحسين بن علي عليه السلام، وينطلق الشيخ المهاجر في هذا الرصد من مصدرٍ يراه مهمّاً لشرح خريطة طريق موكب الأحزان، ذلك المصدر يعود إلى نهاية القرن السادس وبداية القرن السابع الهجريين ذلك هو أبو الحسن علي بن أبي بكر الهَرَوي (ت 611 هـ) وكتابه الفريد (الإشارات إلى معرفة الزيارات)، والذي يرى المهاجر أن هذا الكتاب التفاتة جديرة بالعناية لم يسبق أن خُصص لهذا الأمر كتاباً مستقلاً له في ذلك الزمن.
فقد أخذ المهاجر من هذا المصدر ما يرشده إلى إشادة الأبنية والنُّصُب لطريق موكب الأحزان، الذي انطلق من الكوفة إلى الشام عبر محطات مختلفة، والتي يتوقف فيها الموكب الحزين لغرض الاستراحة ونحو ذلك، والتي يصل تعداد تلك المشاهد إلى 8 مشاهد وتاسعها أدرجه المهاجر تتمةً لها، فقد استخرج المؤلف المشاهد وسمّاها وأضاف لها بعض المعلومات التي تشير إلى وقوف الركب الحزين عندها، وهي:
1- مشهد/مسجد الحنّانة.
2- مشهد الموصل.
3- مشاهد نصيبين.
4- مشاهد بالس/ مسكنة.
5- مشاهد "جبل جوشن".
6- مشهد حماه.
7- مشهد حمص.
8- مشهد بعلبك.
9- مشهد الرأس ومشهد زين العابدين عليه السلام.
ويشير المؤلف المهاجِر في ص31 أن الشيخ علي الطنطاوي في كتابه (الجامع الأموي في دمشق) أنه لم يذكر مشهد زين العابدين عليه السلام الواقع في الجامع الأموي ولم يأتِ به على ذكر. كذلك أضاف في ص27 أن مشهد بعلبك لم يذكره الهَروي وأضافه تتمة لطريق الموكب الحزين.
يناقش الشيخ المهاجر الدلالات والمغازي من إنشاء تلك المشاهد، فهو يذكر معلوماتٍ عن سبب تغيّر أسماء بعض المشاهد، وأن بعضها تحوّل إلى مسجدٍ، وغيرها كان يقع في طرقٍ بعيدة عن المُدن والتجمّعات البشرية؛ ذلك أن قوّاد الموكب يتحاشون الدخول في التجمّعات البشرية خوفاً من نقمة الناس عليهم، نتيجة ما فعلوه بآل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم، من قتلٍ وقطع رؤوس وتسميتهم بالخوارج وغير ذلك من الأسباب التي تدعو إلى نقمة النّاس على بني أميّة. ولا يفوت الشيخ المهاجر أن يقف على المشاهد بنفسه كما ذكر في سطور كتابه، وهذا ما جعله يعتمد كتاب الهَرَوي الذي كان رحّالةً سجّل مرئياته في كتابه آنف الذكر، ويرى كذلك المؤلف أن المناطق التي أنشأت النُّصُب كانت ذات ميول شيعية، وبعضها صحيح التشيّع، وأشار إلى أن تفصيلات وأدلّة ما يقوله في كتابه (التأسيس لتاريخ الشيعة في لبنان وسورية)، وقد أورد بعضاً من الأدلّة التي يذهب إليها في كتابه هذا.
أما حول فكرة إنشاء النُّصُب يرى أنها جاءت بشكل تدريجي، حيث توضع علامة مكان كل محطة وقف فيها الموكب الحزين، إما لوجود نقطة من دم الإمام الحسين عليه السلام على صخرة، أو سقطٌ لامرأة كانت في الموكب، أو لأسباب أخرى ذكرها في سطور كتابه، ثم يعود أولئك الناس المحبون لأهل البيت عليهم السلام يطوّرون النصب إلى مشهدٍ ونحو ذلك حتى يتحوّل بفعل الزمن إلى مسجدٍ أو يبقى على حاله، فبعض تلك المشاهد تم تزييف اسمه بفعل الانتماءات السياسية على مرّ القرون. ويرى أن التاريخ أعوراً حيث سجّل أحداث السلاطين وترك أفعال الناس الذين يتحرّكون ويتصرّفون بتلقائيتهم تجاه الأحداث، ودليله أن المؤرخين لا يذكرون شيئاً عن منشئي هذه المشاهد.
من يقرأ كتابات الشيخ المهاجر سيرى أنه لا يخفي قناعاته عن القارئ، ففي هذا الكتاب أشار إشارات بسيطة حول بعض الأمور التي أخذت نقاشاً في الأوساط الشعبية والعلمية، ومنها: أنه يرى أن التي خطبت في الكوفة مع السيدة زينب عليها السلام إنما هي أختها سُكينة بنت علي وليست سُكينة بنت الحُسين، في حين أنه يغفل أَوْ لا يتطرق إلى ذكر سُكينة بنت الحسين!! وكذلك يرى أن لقاءً حصل بين جابر بن عبدالله الأنصاري والإمام زين العابدين عليه السلام، لكنه لا يوافق التاريخ المعروف بالعشرين من شهر صفر والمسمّى بيوم الأربعين، بل ينفي ذلك بضرسٍ قاطع، حيث الموكب الحزين لا يسعفه الوقت أن يقطع كل تلك الأماكن والمسافات في غضون أربعين يوماً، فهذه إشارات يتطرق لها عَرَضاً لخروجها عن متن الكتاب؛ إلا أنها تثير التساؤل عند القارئ.
هناك أشياء كثيرة تضمّنها الكتاب، والذي يحتاج إلى قراءة هادئة لما يتضمّنه من معلومات ثريّة كثراء كاتبها في كتاباته.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

وجهة نظر حول المعرض الدولي للكتاب بالرياض 2022م

  وجهة نظر حول المعرض الدولي للكتاب بالرياض 2022م   بقلم: عبدالله الرستم   يُعد موسم معرض الكتاب بالرياض من المواسم المهمة، حيث يجتمع تح...