الخميس، 18 أبريل 2013

الشيخ الفضلي .. من النقد إلى العمل


       تنتاب حالة النقد الكثير من طُلاب العلم والمثقفين تجاه بعض التيّارات الفكرية والمدارس الفقهية في عالمنا، وهذه الحالة وإن كنتُ أعدّها حالةً من الحِراك الثقافي التي ينبغي احتواؤها بجميع الوسائِل المشروعة، وذلك من خلال فتح أبواب الحوار والنقاش العلمي المبنيّ على توثيق المعلومة من مصادرها المتنوّعة، وكذلك احتواء كل الطاقات العلمية التي تريد أن تصل إلى الحقيقة، بدلاً من التحزّب والتخندق ضد بعضنا البعض، ونحن في المُجمل ننتمي إلى منظومة دينية واحدة بما تحمله من قيمٍ وتعاليم عظيمة.
       في خضمّ الصراعات الثقافية والمذهبية لابد وأن يكون هناك من يعقل كل ما يجري حوله، وينأى بنفسه عن هذا التخندق الذي يقود في النهاية إلى وجود حالة من الكراهية وعدم قبول أيِّ رأي من أحد الأطراف التي اقتحمت هذه الأجواء، أولئك الذين ينأون عن هذه الصراعات إما خوفاً فيهم، وإما تعقّلاً منهم، وحديثنا عن العقلاء الذين لا يخافون من النقد!! بل عن الذين يفهمون النقد بطريقةٍ أخرى، حيث إن تواجدهم في هذه الصراعات قد يؤخرهم في تفهم القضية المراد مناقشتها، ويضيّعون وقتاً هم محتاجون له في قراءة الفكرة بعيداً عن هذه الأجواء المربكة التي لا يوجد فيها مساحةً من التعاطي الهادئ.
من أولئك الذين يبتعدون عن القضايا ذات الإثارة والاستفزاز سماحة الشيخ/ عبدالهادي الفضلي، الذي يتعاطى مع القضايا الفكرية بعيداً عن الضوضاء التي تولّد لغة النفور والكراهية، وتسمح لأصحاب الأغراض المشبوهة الاصطياد في الماء العَكِر نحو: قال فلان وقال فلان، لغرض إذكاء نار الفتنة بين الأطراف المتصارعة، وهذا ما لمسته من كتاباته ذات العمق الفكري، والتعاطي الهادئ دون غمزٍ إلى أحد، مع وجود لغةٍ إنسانيةٍ راقية تريد أن توصل فكرها إلى الناس الذين يريدون الفكر بعيداً عن لغة الضجيج، فهو – رحمه الله – مع حبّه للنقد سواءً له أو عليه؛ إلا أن النقد ينبغي أن يكون مبنياً على أسسٍ علمية، طبيعة تلك الأسس أن ترتقي بفكر الإنسان الذي يريد أن يصل إلى المعلومة بدون تشددٍ أو تعنّتٍ من أحد المتحاورين، وهذه الحالة نادراً ما نجدها عند بعضٍ من الناس الذين يركّزون على الإثارة الوقتيّة، فإذا ما هدأت الأجواء لم نجد لهم عملاً، وكأنهم ينتقدون من أجل النقد لا من أجل العِلم والمعرفة!!.
الشيخ الفضلي – حسب تصوّري – تخطّى مرحلة النقد من أجل النقد، إلى مرحلة العمل من خلال متابعة البحوث قراءةً ومناقشة وكتابة؛ لأنه جعل غايةً ينشدها وهي قضايا التأصيل الفكري من خلال تعاطيه الهادئ مع كل قضية شغلت باله، سواءً على مستوى صناعة المناهج، أو القضايا الفقهية، أو الفكرية أو غيرها، وخير دليل على صحّة دعواي هي: متابعة ما خطّه يراعه حول تلك القضايا ذات الشأن الإنساني والفكري والثقافي، ولعل الغاية الأسمى فيما خطّه قلمه هي: تقديم صورة نزيهةً غير مشوّهة عن أعظم ديانةٍ سماويةٍ وهي (الإسلام).
أعترف بأن هذه السطور لا تفي بحق فكره العميق، إلا أنها إشارة إلى مسألة قد تغيب عن البعض، وقد تُتاح لي الظروف لمراجعة هذه السطور وإعادة صياغتها في المستقبل القريب أو البعيد.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

وجهة نظر حول المعرض الدولي للكتاب بالرياض 2022م

  وجهة نظر حول المعرض الدولي للكتاب بالرياض 2022م   بقلم: عبدالله الرستم   يُعد موسم معرض الكتاب بالرياض من المواسم المهمة، حيث يجتمع تح...