الثلاثاء، 1 نوفمبر 2011

المرأة ذلك الدر المصون

المرأة
 ذلك الدرّ المصون

ما زالت المرأة ذلك الإنسان الذي جهله الإنسان بكل مكوّناته وعناصره رغم وجودهما على وجه الأرض، ففي الأثناء التي تُهضم فيه المرأةُ وتُسحق كرامتها وتُهمَّش من الحياةِ الاجتماعية وحقِّ الحياةِ عن طريق الوأد الجسدي والوأد الفكري، ينبزغ نور النبوّة لينتشل ذلك الكيان المودع تحت التراب بكل ما يحتويه من فكر ومكانة وعطاء، باعثاً في قلب الأمة مكانة هذا الإنسان الذي يحتوي على أمورٍ كثيرة.

ورغم مرور الزمن على تعليمات منقذ الإنسانية من ظلمات الجهل إلى نور العلم، فإن الجهل ما زال موجوداً يتقلّب بعدةِ صورٍ ليسحق كرامة المرأة التي تُعتبر عصبُ الحياة والوجه الآخر للرجل، فهي شمسٌ تشرق لتمد حياة الرجل بالدفء طوال النهار، وهي قمرٌ منيرٌ حينما يُرخي الليلُ سدولَهُ ليُعطي صورةً أخرى لذلك الدفء عبر حنانها المبثوث فوق نجوم السماء وزخّات المطر، وهي الركن الذي يُعتمد عليه أثناء غياب الرجل، وما هي كذلك إلا لعظمة ودقّةِِ الصانعِ الذي أبدعَ في خلقِ هذا الإنسانِ الضعيف بمكوّناته القويّ بوجوده.

فمن خلال استعراض خَلْقِ المرأة ودورها في الحياة بجميع أطوارها نستنتج أن للمرأةِ أدواراً ليست محصورةً بين جدران المنزل؟! وإن كان هناك عدة أدوار تستطيع أن تؤديها خارج هذا الإطار فإنه يستلزم عليها القيام بأدوارها داخل الأسرة قبل الخروج منها بمعيّة الرجل، وقد نلاحظ ذلك جليّاً في حياة سيدات نساء العالمين وعلى رأسهم فاطمة بنت محمد صلى الله عليه وآله وسلم، فإن لهذه المرأة خدمات جليلة منذ بزوغ نورها على بطحاء مكّة وحتى رحيلها، وذلك عن طريق التزامها بمباديء الإسلام وحفظها وصايا أبيها ورسمها على أرض الواقع كإسلام يمشي بين أزقّة المدينة المنوّرة، انطلاقاً من إطار الأسرة المقدّسة اللامحدود، وذلك بتجلّي تربيتها بعد رحيلها في حياة أبناءها الذين حافظوا على الخطوط العامة للإسلام بمعيّةِ أمير المؤمنين عليه السلام.

ومع علم الكثير بأدوار المرأة ومكانتها في الشريعة الإسلامية والشريعة الفكرية إلا أنه يوجد ثمةَ رواسب عند البعض تخالف هاتين الشريعتين متجاهلاً أو متغافلاً أو ناكراً بعض العناوين العامة الموجودة في الدستور المقدّس ﴿هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ [البقرة:187]، وهذا العنوان العظيم الصادر من عند العظيم لهو من العناوين العميقة التي لا يسع أيّ إنسان أن يفهمه ما لم يكن القرآن الكريم دليله الذي يستضيء به حين تدلهمّ الخطوب على صاحبها، وفي الأثناء التي تصدر الآيات الكريمة في حفظ هذه المكانة يتأوّل المتأوّلون على غير بصيرةٍ بأخذِ ما يوافق نهجهم المخالف لروح الشريعة محتجّين بقوله تعالى ﴿الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء﴾ ومتغافلين بقية ما ورد في الآية الكريمة ﴿ بِمَا فَضَّلَ اللّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ [النساء:34]، فعملية التفضيل مقرونة كذلك بالتقوى ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ[الحجرات:13]، فلم يكرِّم الله سبحانه وتعالى الرجل على المرأة ما لم تكن التقوى في طليعة الحياة العملية التي من خلالها يُعرفُ الصالح من الطالح.

وبالنظر إلى الحياة العملية التي نمارسها اليوم نجد بعض الأخطاء الشنيعة والفظيعة وعلى رأسها ممارسة العنف ضد المرأة بجميع صوره، ومن ثم تأتي بعض الممارسات اللاأخلاقية واللادينية كالضرب والشتم والقذف، وكل هذا يظن البعض أنه من حق الرجل ممارسة هذه الأمور متأولاً على غير بصيرة بنسبتها إلى الإسلام، والإسلام من هذه الممارسات براء، والسبب كامن في أمور عِدة، منها:
الأساليب التربوية التي نشأ عليها، أو التأثر ببعض الأفكار الغربية، أو وجود بعض العادات والتقاليد الخاطئة، أو ثقافة شربها من غير منابعها السليمة، وغيرها من الأسباب التي تجعل من بعض الرجال ممارسة هذا العنف، مع العلم أن بعض ممارسات الرجل سببها المرأة، مما يضطر الرجل إلى فعل بعضٍ من هذه الأمور.

ولكن!! مهما كانت الأسباب لا تؤدي إلى مثل هذه الأمور الخالية من روح الإسلام المحمديّ الأصيل الذي بدوره جعل لكلا الجنسين كرامة، وما وجود الإسلام إلا لحماية كلا الجنسين من بعض الممارسات المشينة.
  
      

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

وجهة نظر حول المعرض الدولي للكتاب بالرياض 2022م

  وجهة نظر حول المعرض الدولي للكتاب بالرياض 2022م   بقلم: عبدالله الرستم   يُعد موسم معرض الكتاب بالرياض من المواسم المهمة، حيث يجتمع تح...