الثلاثاء، 21 يوليو 2020



اسم الكتاب: حركة الحسين بن علي الفخّي في المدينة ومكة واثرها السياسي في العصر العباسي 13/ 11 8/ 12 / 169هـ
المؤلف: عبدالله بن حسين الشنبري الشريف
الناشر: مركز النشر العلمي جامعة الملك عبدالعزيز بجدة
سنة النشر: 1427هـ
عدد الصفحات: 106 صفحات
عرض وتعريف/ عبدالله بن علي الرستم

عرض وتعريف:
لا زالت الحاجة ماسّة في توثيق حركات العلويين في الحجاز وخارجه، وذلك لما لهم من أثرٍ ملموسٍ في محاربة الظلم والطغيان، وقد ذاقوا الصِّعاب من أجل ذلك، ولا يخفى على أي قارئٍ في التاريخ الإسلامي عن الصراع الحاصل بين العلويين ومناوئيهم من الأمويين والعباسيين وغيرهم.
تأتي هذه الدراسة مستوعبةً بشكل كبير أحداثَ فـخٍّ وتفاصيلها، منذ الانطلاقة الأولى وحتى مصرع قائدها الحسين بن علي الفخّي (ت 169هـ)، حيث تناول المؤلف كل ما يمتُّ إلى الحادثة بصلة، وذلك عبر قراءة المصادر المتعلقة بهذا الحدث الأليم، ومناقشاً بعض ما ليس له صلةٌ مفنداً أو مؤيداً أو محايداً في أحداث هذا الحدث. وكما يعلم أي قارئ، أنه ليس بالضرورة أن يتفق القارئ مع ما يدوّنه المؤرخون القدماء أو المعاصرون إزاء تحليل بعض الأحداث التي يرصدونها في مؤلفاتهم.

يبدأ المؤلف هذا البحث بمقدمة وافية عن إرهاصات الحركة حركة فخ وسيرة الحسين بن علي الفخّي وعبادته وكرمه وسجاياه الحميدة، مع مرورٍ عما رواه المؤرخون عن سبب الثورة والبيئة واستيلاء الحسين على المدينة، وما كان من سلوكٍ متعاطفٍ أبداه المهدي العبّاسي تجاه العلويين، والذي جاء على نقيضه تماماً بعده ابنه موسى الهادي الذي روّع العلويين وتقصّاهم وأوقف أعطياتهم، وغير ذلك من سلوكٍ مشينٍ مارسه الهادي وولاته تجاه العلويين، وهذا مما ألّب العلويين بشكلٍ سريع ضد الهادي نتيجة الممارسات غير الأخلاقية بحقهم.

وقد تناول المؤلف تفاصيل الأحداث منذ انطلاقتها الأولى بالمدينة المنوّرة، واستيلاء الحسين بن علي على المدينة والأوضاع المصاحبة لذلك من عدم انخراط المدنيين مع العلويين في هذه الثورة المفاجئة، وذلك لعدة أسباب ذكرها المؤلف في ثنايا البحث، وما جرى بين الحسين بن علي وانسحاب مبارك التركي أحد قوّاد العباسيين، بحجة أنه لا يريد أن يصطدم مع الحسين لقرابته من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم، والذي جاء نتيجته أن مباركاً التركي تم إنزاله من قائد إلى سائسٍ للدواب لتخاذله عن مقاتلة الحسين بن علي. وأشار المؤلف إلى لغة الأرقام التي صاحبت الحدث، بالتحاق ما يقارب ثلاثمائة أو أربعمائة رجلٍ بالحسين بن علي، والتحاق بعض الأعراب بالحسين أثناء مسيرة إلى مكة، والذين التحقوا به من الحجّاج والذي ربما يبلغون ألف مقاتل، ونكبة الشخص الذي كلّفه الحسين بشراء الدواب وتجهيز العُدّة للجيش وهروبه، الأمر الذي أوقع الحسين في حرجٍ بتأخره عن أنصاره في مكّة.
ويشير الباحث في هذا الصدد انسحاب الأعراب عن الواقعة حينما انقلبت المعايير ضد الحسين؛ لأنهم الأعراب التحقوا بالحسين للغنيمة وليس للقتال، وهذا له أثره إبّان الحرب. ومستطرداً في الوقت ذاته إلى أن جيش الحسين كان متماسكاً؛ لاحتمائه بجبل الوادي، لولا المكيدة المدبّرة من جيش العباسيين لإبعاد الحسين عن الجبل، وهذا ما جعل بعض عناصر القوى تتأثر بين الطرفين، بتغلّب العباسيين على جيش الحسين والذي أدّى إلى مقتله رافضاً أمانهم.



أما عن صدى القضاء على الحركة وموقف الخليفة من العلويين الذي لا يختلف دوره عن غيره، حيث مسرحية التباكي على الحسين مما يتطلبه المشهد؛ لتخفيف حدّة التوتر ضدّه، بيد أن ذلك يحمّله المسؤولية الكاملة فيما تعرَّض له العلويون وما آلت إليه الأحداث بقتل مائة رجلٍ من أصحاب الحسين وأهله وقطع رؤوسهم وهم محرمون للحج، متعرضاً في فصلٍ خصصه لأسباب فشل الحركة من حيث الزمان والمكان، كعنصر المفاجأة، وقلة الناصر، واختيار المكان (الحجاز) التي لا تساعد على تحرّكٍ لقلّة الموارد الطبيعية وهذا ما يجعل الناس تحافظ على أرزاقها، وما عرفوه من سطوة وجرأة الخليفة موسى الهادي على القتل بكل من يخالف أوامره، وأمور أخرى ساهمت في عدم نجاح الحركة.

أما عن دور الشعر وتخليده لهذه الحادثة، فإنه لم يمنح له المؤلف مساحة كبيرة في دراسته، وإنما اكتفى ببعض الأبيات التي جاءت على ألسنة بعض الشعراء قريبي العهد من الحادثة.

ومن حيث المناقشة، فقد ناقش المؤلف عدة أمور، ومنها:
- درء ما يثار حول أن جيش الحسين دنّس مسجد النبي صلى الله عليه وآله وسلّم بالقاذورات، وأن ذلك لا يتناسب ومقام الحسين وعبادته وسيرته المليئة إيماناً وتقوى وورع، وأن ذلك إن حصل ربما من فردٍ من الأفراد، خصوصاً وأن التاريخ يسطّره المنتصر.
- نفيه نسبة أن الحسين بن علي وحركته تنتسب إلى الزيدية، بحجة أنهم لبسوا البياض، حيث يرى المؤلف أنه لا يوجد مصدر تاريخي ينسب حركة الحسين إلى الزيدية، وإنما هي حركة قامت بأسباب، وتعاطف معه الناس إما لنسبه أو للظروف المصاحبة للحركة.
- وقف المؤلف على الحياد حينما ذكر رأي الدكتور/ عبدالعزيز اللميلم، الذي يرى اللميلم أن الحسين يتحمّل جزءاً من المسؤولية لخروجه على خليفة المسلمين، ويرى في الوقت ذاته اللميليم أن الهادي ساهم في إثارة العلويين عبر الضغط عليهم والتنكيل بهم، وذلك في دراسة له بعنوان (العلاقات بين العلويين والعباسيين).
- كذلك ينفي صحّة ما ورد من الأخبار الواردة في المصادر الشيعية، وأن بعضها لا يناسب المقام، ومنها: الرواية الواردة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلّم وتنبؤه بقتل الحسين في مكان فخ. أو نوح الجن عليه، أو ما ورد عن الإمام الكاظم عليه السلام بقوله للحسين: إن القوم كفّار فُسّاق، ونحو ذلك من الأخبار التي لا يراها المؤلف صحيحة.

ختاماً:
جاءت هذه الدراسة مساهمة في سرد أحداث فخ الأليمة، برؤية تاريخية من خلال تتبع المصادر ومناقشة بعض ما ورد فيها، دون الاستطراد الذي لا يمتُّ للبحث بصلة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

وجهة نظر حول المعرض الدولي للكتاب بالرياض 2022م

  وجهة نظر حول المعرض الدولي للكتاب بالرياض 2022م   بقلم: عبدالله الرستم   يُعد موسم معرض الكتاب بالرياض من المواسم المهمة، حيث يجتمع تح...