الأحد، 31 مارس 2013

عصمة أم دكتاتورية


مضت سنواتٌ كثيرةٌ وأنا أسمع عن سلوك أساتذة الجامعات مع تلاميذهم (ذكوراً وإناثاً)، فلم أكد أستوعب المسألة من حيث إن أستاذاً جامعياً يحمل علماً كبيراً في مجال تخصصه، ويصدر منه ذلك السلوك الذي يتجسد في مصادرة آراء تلامذته وتثبيطهم بأي وسيلةٍ كانت، وذلك بناءً على مزاجه المتقلّب ليهلك من يهلك ويحيا من يحيا. ومع مرور السنوات واحتكاكي بكثيرٍ من طلبة الجامعات تسرّبت تلك المعلومات إلى عقلي لتأخذ نصيبها من الثبات وأن ذلك كائن!!، حتى تمت مناقشة ذلك على جميع وسائل الإعلام المختلفة، ولكن دون جدوى.

حاولت تكذيب أولئك الطلاب في داخلي؛ إلا أني ومع مرور الزمن تيقنت صدور ذلك من أرباب الفكر حسب ادّعائنا، حيث ذهب ضحيّة ذلك الكثير من الطلاب والطالبات، وقصصهم مبثوثة في كلِّ مكان، وبكوني غير منتمٍ لجهة علمية وعدم توفيقي لخوض غمار هذه الجهات قد أخطئ التقدير؛ ولكن الضحايا أمامي بالعشرات، علماً أن هذه الممارسات من الأساتذة لا يكاد يقبلها عقل الإنسان، باعتبار أن ضخامة المؤسسات العلمية التي ينتمي إليها أولئك يجب أن تخلو من هكذا ممارسات، ناهيك عن انتمائنا الإسلامي الذي يرفض ويجرّم إيذاء أيّ إنسانٍ ولو كان مقدار شعرة، فبعض الأساتذة لا يعجبه ذلك الطالب بسبب أو بدون سبب، يعني: أنه لن يتخرّج من الجامعة إلا بإعجاز إلهي أو واسطةٍ من شخص له مصلحة معه، والبعض الآخر لمجرد تصويبه فكرة لأستاذه أو مناقشته فعليه أن يحجز مقعداً في السنة اللاحقة لإعادة المادة، وغيرها من القصص التي يتفطّر قلب الإنسان لمجرد سماعها، فكيف إذا كان ذلك الطالب ابناً أو صديقاً أو زوجةً أو أختاً أو غير ذلك.

وفي تصوّري أن هذا السلوك ينذر بخطر مستقبلي تجاه العلم ومؤسساته، حيث ستكون الجامعات مكاناً للتصفية الفكرية وتحطيم الآمال، وليس مكاناً لانبثاق الأفكار التي تصنع الأجيال من أجل خدمة العلم وحملته، وتصرفات كهذه من قبل الأساتذة ما هو إلا دكتاتورية مغلّفة بالعلم وليست عصمةً مبنيّة على العلم .. 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

وجهة نظر حول المعرض الدولي للكتاب بالرياض 2022م

  وجهة نظر حول المعرض الدولي للكتاب بالرياض 2022م   بقلم: عبدالله الرستم   يُعد موسم معرض الكتاب بالرياض من المواسم المهمة، حيث يجتمع تح...