السبت، 22 مايو 2021

وقفة سريعة على كتاب الذريعة ومستدركاته


وقفة سريعة على كتاب الذريعة ومستدركاته

لا أحد يجهل ما لكتاب (الذريعة إلى تصانيف الشيعة) للشيخ/ محمد محسن الطهراني (ت 1389هـ) المعروف بـ(آغا بزرك الطهراني) من قيمة علمية مهمة، فالكتاب ينبئ عن جهد شخص واحد في مجال واحد، ناهيك عمّا سطّرته يراعة المؤلف في مجالات أخرى، حيث المطلع على سيرة الطهراني يدرك أن سميراه القرطاسُ والقلم. ولعل قصة تأليف الكتاب غير خافية على الباحثين والعلماء، ذلك أن عبارة كتبها/ جرجي زيدان - الكاتب المعروف - في كتابه (تاريخ آداب اللغة العربية 6/ 3) قوله: "ومن أن ما يقال في شأن كتب الإمامية إن صحّ فقلد لعبت بها أيدي سبأ، فهي أشبه شيء بالوهم والخيال، وأن من يُدعى له الفضيلة منهم فقد ذهب ذكره مع حديث أمس الدابر، وهل هم اليوم إلا رمّة بالية لا يستفاد بهم ولا بآثارهم). اهـ.

وقد أثارت هذه العبارة غيرة علماء الشيعة، ودفعت بثلاثة منهم إلى التصدي لهذه الكلمات، وهم: السيد حسن الصدر حيث ألّف كتابه (تأسيس الشيعة الكرام لعلوم الإسلام)، والشيخ محمد حسين آل كاشف الغطاء حيث ذكر ردوده ونقوده على جرجي زيدان وغيره في كتابه (المراجعات الريحانية)، والشيخ آغا بزرك الطهراني حيث ألّف هذا الكتاب (الذريعة إلى تصانيف الشيعة) ويقع يقع في 26 مجلداً، وموسوعة أخرى اسمها (طبقات أعلام الشيعة) في التراجم.

وشأن هذا العمل الموسوعي الذريعة شأن غيره من الموسوعات الفردية، التي بذل فيها كتّابها الجهد الكبير لإتمام ما بدؤوا به، شأن ذلك السهو والنقص ونحو ذلك، خصوصاً إذا ما نظرنا إلى الظروف العصيبة التي صُنّف فيه كتاب الذريعة، والاستدراك لا يقلل من شأن الكتاب الأساسي؛ بل هو البذرة الأساس التي دعت المستدركين أن يواصلوا العمل. وقد صدر على كتاب الذريعة عدة مستدركات، وهي:

1- مستدرك الذريعة إلى تصانيف الشيعة، للسيد أحمد الحسيني، وقد صدر الكتاب في مجلدين عن مجمع الذخائر الإسلامية ومركز كربلاء للدراسات والبحوث عام 1436هـ (2015م)، ومقدار ما استدركه السيد الحسيني هو (1740) كتاباً، جزاه الله خير الجزاء.

2- مستدرك الذريعة إلى تصانيف الشيعة، للأخ الفاضل الشيخ/ أحمد علي مجيد الحلّي، وقد صدر الجزء الأول منه عن مكتبة الإمام الحكيم العامة والعتبة العباسية المقدسة عام 1440هـ (2019م)، ومقدار ما استدركه وأضاف معلوماتٍ له الشيخ الحلّي في هذا الجزء (500) كتابٍ، جزاه الله خير الجزاء، وذلك بمناسبة مرور خمسين عاماً من رحيل الشيخ آغا بزرك الطهراني.

3- تكملة الذريعة إلى تصانيف الشيعة، للسيد محمد علي الروضاتي، يقع في مجلدين.
4- إلى استدراك الذريعة، للسيد محمد الطباطبائي البهبهاني المعروف بـ(منصور)، صدر الكتاب عن مركز كربلاء للدراسات والبحوث التابع للأمانة العامة للعتبة العباسية المقدسة.

ويبقى كتاب (الذريعة) نجماً ومصدراً مهماً من بين المصادر لمعرفة ما للشيعة من تراثٍ مكتوب أو مخطوط. ومع شديد الأسف أن اللغة التي تحدث بها جرجي زيدان لا زالت تجري على ألسنِ بعض المعاصرين ممن يوصفون بالعلم والتتبع، حيث تصدر عنهم بين فينة وأخرى عبارات لا تليق بشخص عاديٍ فضلاً أن يكون طالب علم، وهذا إن دلّ فإنما يدل على مرضٍ مستشرٍ في النفوس وهو نكران ما للآخرين من عطاءٍ وجهدٍ ساهمت بما لديها في رفعة الإسلام عن طريق المؤلفات في جميع العلوم.

والحديث عن موسوعة (الذريعة) ومؤلّفها لا تكفيه هذه السطور القليلة، إنما هي وقفةٌ وتعريف سريع بها وذكر ما تم استدراكه عليها، نسأل الله تعالى للسيد الحسيني الصحة والسلامة في إخراج ما لديه من كنوز، والموفقية لعزيزنا الشيخ الحلّي في إكمال ما بدأ به من استدراك وإضافة حول (الذريعة).

ونسألكم الدعاء.



 


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

وجهة نظر حول المعرض الدولي للكتاب بالرياض 2022م

  وجهة نظر حول المعرض الدولي للكتاب بالرياض 2022م   بقلم: عبدالله الرستم   يُعد موسم معرض الكتاب بالرياض من المواسم المهمة، حيث يجتمع تح...