السبت، 8 يونيو 2024

قراءة في تحقيق النسخة الواحدة (تاريخ خليفة بن خياط نموذجاً)


قولٌ في تحقيق النسخة الواحدة

(تاريخ خليفة بن خيّاط نموذجاً)

بقلم: عبدالله بن علي الرستم

 لا يخفى على المختصين ما لتحقيق كتب التراث من أهمية بالغة يصعب على هذه الحروف حصرها،  وذلك لما له من انعكاس على الحياة العلمية في مجالات مختلفة، ولعل من المسائل التي حريٌ أن يلتفت لها المحققون خصوصاً في وقتنا المعاصر هو: البحث والتقصي في حدود المتاح حيال الكتاب الذي يراد أن يُحقق كي لا يكون الكتاب محققاً من قبل شخص آخر فيكون تكرار التحقيق بلا معنى، أو على المحقق ذكر أسباب تكرار التحقيق في المقدمة لتعريف القرّاء بالفرق بين التحقيقين، أما من حيث وجود كتابٍ له أكثر من تحقيق قبل 30 عاماً فهذا قد يكون له عذرٌ من عدة وجوه؛ وذلك لغياب وسائل البحث الإلكترونية الحديثة، وأسباب أخرى. فمما وقعت عيناي عليه كتاب (تاريخ خليفة بن خيّاط العصفري "ت 240هـ")، والذي طُبع ثلاث طبعات فيما أعلم، وهي:

(1) تحقيق الدكتور/ أكرم ضياء العمري، عام 1386هـ (1967م).

(2) تحقيق الدكتور/ سهيل زكّار، عام 1387هـ (1967م).

(3) الدكتور/ مصطفى نجيب فوّاز والدكتور/ حكمت كشلي فوّاز، عام 1415هـ (1967م) [مراجعة وضبط وتوثيق ووضع حواشي وفهرسة].

وسأركز على التحقيقين الأولين؛ لأن الطبعة الثالثة ليست ضمن نطاق الحديث باعتبارها ليست تحقيقاً، أما التحقيقان المقصودان فإنهما اعتمدا النسخة الوحيدة لتاريخ خليفة، وهي الموجودة في خزائن الرباط، واللطيف في هذا الأمر أنهما حققا كتاباً آخر لخليفة بن خيّاط وهو (الطبقات)، وزاد الدكتور/ أكرم ضياء بالعناية براوي تاريخ خليفة وهو (بقيّ بن مَخْلَد القرطبي، ت 276هـ)، حيث أخرج العمري كتاباً للقرطبي وهو (مقدمة مسند بقي بن مخلد المسمّى "عدد ما لكل واحدٍ من الصحابة من الحديث") المطبوع طباعة أولى عام 1404هـ (1984م).

ومن المعلوم إجمالاً أن لكل محققٍ طريقته الخاصة، والتي ربما لا تختلف اختلافاً كبيراً إلا في بعض الجوانب، مثل: صعوبة قراءة نصٍ أو إضافة معلومات لأشخاص أو حدث أو أي أمر آخر، والحال أنهما اعتمدا ذات النسخة الوحيدة لتاريخ خليفة بن خيّاط، وقد يكون لتكرار التحقيق ومنها هذا الكتاب أن لكلٍ قراءته للنص خصوصاً وأن النسخة احتوت بعض أسطرها على بياض أو خرم، ولذا استعانا بمصادر أخرى لإكمال ما لم يمكن قراءته.

وكون أن مكان النسخة واحدٌ، إلا أنهما افترقا في مصدر الاقتناء، فكلٌ له مصدره في اقتناء النسخة، وحتى لو كان مصدر الاقتناء واحداً، فلا يعني أنهما سيحققانها، فلربما احتفظا بها لأمر ما، بالإضافة أن المحققين من بلدين مختلفين، فليس بالضرورة أن يعلم أحدهما عن الآخر وإن تزامنا في تحقيق الكتاب كما هو واضح.

إلا أن ما لفت نظري في هذا الأمر، هو: أن طبعة الدكتور/ سهيل زكّار أثبت فيها سنداً للكتاب لمن جاء بعد بقي بن مخلد، ويقع هذا الإسناد في ستة أسطر، في حين خَلَتْ طبعة الدكتور/ أكرم ضياء من هذا الإسناد، علماً أنهما ينقلان عن نسخة واحدة لا غيرها!!

ختاماً: كانت هذه لقطة عابرة على كتابٍ له أكثر من تحقيق، ونسخته المحفوظة واحدة، وأرى إن جاز لي التعبير عن رأيي في هذا المجال، أن بعض الكتب ذات التحقيق المتكرر له عدة ميزات كاختلاف النسخ أو ضعف أحد المحققين أو لأي أسباب أخرى، وتارة قد لا يحتوي على أي ميزة كأن يأتي محقق ضعيف أو لا يبذل جهداً واضحاً في العناية بتحقيق الكتاب.

 





قراءة في تحقيق النسخة الواحدة (تاريخ خليفة بن خياط نموذجاً)

قولٌ في تحقيق النسخة الواحدة ( تاريخ خليفة بن خيّاط نموذجاً ) بقلم: عبدالله بن علي الرستم   لا يخفى على المختصين ما لتحقيق كتب التراث ...