وقفة سريعة مع (تتمة الأعلام) لـ/ محمد خير رمضان يوسف.
بقلم: عبدالله بن علي
الرستم
في هذه الوقفة السريعة أحب
الإشارة إلى بعض الأمور التي لي فيها رأيٌ يخالف ما ذهب إليه المؤلف في بعض
التراجم، وليس الكتاب كاملاً، وهي على النحو التالي:
1. في الجزء الأول من الطبعة
الثانية جاءت ترجمة السيدة/ آمنة بنت حيدر الصدر، المعروفة بـ(بنت الهدى) في سطور
تعريفية قليلة مع الإشارة إلى مؤلفين من مؤلفاتها. وهذه الطريقة هي الطريقة
المعتادة التي يقوم بها من يترجم للأعلام، إلا أن المؤلف يبدو لم تعجبه الترجمة،
فأضاف لها بعض العبارات غير المنسجمة مع طريقة كتّاب السير والتراجم في الطبعة
الثالثة والرابعة، حيث أضاف المقطع التالي الذي لم يكن موجوداً في الطبعة الثانية،
وهو: (ومن انحرافها الفكري قولها ببنوة فاطمة فقط للرسول صلى الله عليه [وآله]
وسلّم، وادّعت أن رقية وزينب وأم كلثوم –
رضي الله عنهن –
ربيباته من أم المؤمنين خديجة من زوجها السابق. وقد ردَّ عليها في مقال علمي رصين
أستاذنا الشيخ خاشع حقي، بعنوان "مغالطات آمنة الصدر الملقّبة بالشهيدة بنت
الهدى"، رداً لما ادّعته من ذلك في كتابها "المرأة مع النبي صلى الله
عليه [وآله] وسلّم في حياته وشريعته". ففنّد هذا الإفك، وبيّن تكذيب القرآن
الكريم لها في قوله تعالى: (يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساءِ المؤمنين
يدنين عليهنّ من جلابيبهن) [سورة الأحزاب: 59] وغير ذلك من الأدلة).
التعليق:
وصف المؤلف للمترجم لها
بالانحراف الفكري، والإفك، لا يستقيم مع فن الترجمة، خصوصاً وأن المسألة التي علّق
عليها مسألة تاريخية وفيها آراء مختلفة بحثها العلماء في السيرة النبوية، وهم بين
من يرى بنوّة البنات ومن لا يرى ذلك. نعم، من حقّه أن يذكر من رد عليها ويشير إلى
الدراسة وبعض النقاط المهمّة، لكن الاستطراد والحكم على صاحب الترجمة بعبارات لا
تليق – أياً كان المترجم له – فهذا يُخرج المؤلف عن فن الترجمة.
وأمر آخر في ذات الترجمة وهو:
يبدو أن عبارته (اعتقلت بعد اعتقال أخيها السيد الصدر) المذكورة في الطبعة الثانية
لم تعجبه، فغيّرها في الطبعة الثالثة والرابعة لتكون (اعتقلت بعد اعتقال أخيها
محمد باقر الصدر) وموقع الشاهد كلمة (السيد) التي أسقطها من الطبعتين الثالثة
والرابعة.
2. 2/123: قال في ترجمة المرجع الشيخ/ بشير حسين بن صادق علي الباكستاني أنه توفي عام 1418هـ، وأنه اغتيل في شهر رمضان، وأن من مصادره كتاب (المنتخب من أعلام الفكر والأدب) للمرحوم/ كاظم الفتلاوي.
التعليق:
أ. الشيخ بشير لحظة كتابة هذه السطور 23/ 3/ 1443هـ حيٌ يُرزق.
ب. ترجم له الفتلاوي في (المنتخب) المطبوع عام 1419هـ وقال عنه: زرته مراراً، ولم يذكر أنه توفي، أي: إن كتاب الفتلاوي طُبع بعد عامٍ من اغتيال الشيخ بشير حسب زعم المؤلف.
ج. قد يكون المؤلف محمد خير أخذ تاريخ وفاته من مصدر آخر، لكنه لم يذكره!! والخلاصة أن الشيخ حيٌ يرزق كما أسلفتُ القول، ولا أعلم كيف جاز للمؤلف يكتب عن وفاته، والشيخ له أكثر من صورة ومقطع فيديو ظهرا في وسائل التواصل والإعلام بعد العام المذكور الذي ذهب المؤلف أنه اغتيل في 1418هـ!!
3. 3/ 71: ترجم في هذا الجزء والصفحة لشخصية تُدعى/ حسين الموسوي (ت 1422هـ) والذي يراه عالماً مجتهداً مرجعاً، ثم تحوّل إلى أهل السنة والجماعة، وقُتل. ويقصد بذلك صاحب كتاب (لله .. ثم للتاريخ).
التعليق:
من المعروف أن هذه الشخصية مفتراةٌ وغير حقيقية، وقد صنّف الشيخ/ علي آل محسن القطيفي كتاباً يفنّد ما ورد فيه من مزاعم وأباطيل، وطُبع الكتاب عام 1425هـ، ومن يقرأ كتاب الشيخ المحسن يدرك ذلك جيداً، بل إن بعض السنّة المعاصرين ذهبوا ذات المذهب من حيث أسطورية هذه الشخصية وعدم وجود شخصية حقيقية ألّفت هذا الكتاب واسمها (حسين الموسوي).
4. 6/291: في ترجمة الدكتور
غازي القصيبي، من الطبعة الرابعة، قال:
(واصطدم بأكثر من داعية وكاتب
إسلامي، وقد أخطأ مرة –
ربما في حق الرسول صلى الله عليه [وآله] وسلّم –
فذكر الشيخ ابن باز رحمه الله أنه إما أن يتوب أو أن يُقام عليه الحدُّ. وذُكر
قبيل وفاته أنه كان يصلّي، فإذا لم يقدر على الوضوء تيمم).اهـ
التعليق:
قول المؤلف: أنه (ربما) أخطا
بحق رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم. السؤال: ما علاقة هذه العبارة بالترجمة؟
خصوصاً وأن المعلومة غير مؤكدة، وخاضعة تحت معيار (ربما)، فلا أرى أن هذا يخدم
الترجمة خصوصاً وأن المعلومة غير أكيدة، ولو كانت أكيدة فعلى المؤلف أن يوردها
وإلا فلا داعي لذكرها.
ثم قوله (ذُكر أنه كان يصلّي
قبيل وفاته)!! وهذا يبدو لي اتّهام مبطّن بأن المترجم له كان لا يصلّي، والأمر
نفسه في العبارة السابقة خاضعٌ للنقل غير المؤكّد تحت معيار (ذُكر)، وكأي قارئٍ
للترجمة ماذا يفيدني أنه (رُبما) وَ (ذُكر)؟! فهذا مما لا يليق بمؤلفٍ له عشرات
الكتب بل تجاوزت المائة كتاب أن يكتب معلوماته وهو غير متأكدٍ منها.
التعليق:
مسألة علم الغيب، يجب أن
تُفهم وفق سياقها الصحيح قبل كل شيء، وإلا لا يوجد أحدٌ من علماء الإمامية من يقول
أن أمير المؤمنين علياً عليه السلام يعلم الغيب استقلالاً؛ بل يكون ذلك عن إخبار
النبي صلى الله عليه وآله وسلّم له، أو إلهاماً من الله عز وجل، ولا أطيل في
التعقيب؛ لأن ما تفضل به المؤلف خارجٌ عن نطاق الترجمة، وتشويه للشخصية المترجم
لها، وهذا مع الأسف وقع فيه المؤلف في أكثر من شخصية، ولا داعي لذكر تلك الشخصيات
التي حاكم آراءها في كتابه وتجاوز حدود الترجمة والتعريف، إنما عنيتُ في هذه
التعليقات كجزء من إطلالتي السريعة على الكتاب، نعم .. لو ذكر الرأي وتركه خيرٌ من
محاكمته وهو يجهل بعض المسائل والتي منها مسألة (علم الغيب للأئمة عليهم السلام في
مذهب الإمامية).
7. 8/ 207: الشيخ/ محمد علي
العُمري. قال عنه: (مرجع شيعي).
التعليق:
هو العَمري (بفتح العين) وليس
العُمري.
ثم لم يكن الشيخ العمري رحمه الله من المراجع!! بل
كان وكيلاً شرعياً لجملة من العلماء كما ذكر المؤلف في ثنايا الترجمة، ووجهاً
بارزاً للشيعة في الحجاز، فالمرجعية شيء، والمكانة الدينية شيء آخر.
ختاماً:
هذه التعليقات السريعة، لا
تلغي أهمية العمل، وجهد المؤلف فيه، وتتبعه المصادر المختلفة؛ بل الأمنية أن
يتجاوز مسألة الحكم على الآراء والتي مارسها في بعض الشخصيات المشهورة في الميدان
الديني أو السياسي أو الأدبي، ففي الأثناء يقرأ القارئ ترجمة أحد الشخصيات، وإذا
به يفاجأ بأن المؤلف تحوّل إلى محلل سياسي أو واعظٍ أو شيئاً مختلفاً عن الهدف
الذي صُنّف الكتاب لأجله.